للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاجتها، وفي تلك الحديقة من يلم شعثها، ويحسن مراعاتها وتعهدها، والقيام بجميع مصالحها، فلا يختل منها شيء، ولا تتلف ثمارها، ثم يقسم قيمتها عند الجذاذ على سائر المخارج، بحسب حاجاتهم وضروراتهم، فيقسم لكل صنف منهم ما يليق به، ويقسمه هكذا على الدوام، أترى هذا اتفاقاً بلا صانع ولا مختار ولا مدبر؟ بل اتفق وجود ذلك الدولاب والحديقة وكل ذلك اتفاقاً من غير فاعل ولا قيم ولا مدبر، أفترى ما يقول لك عقلك في ذلك لو كان؟ وما الذي يفتيك به؟ وما الذي يرشدك إليه؟ "١.

ويقول عالم الوراثة والبيئة الدكتور جون وليام كلوتس: "إن هذا العالم الذي نعيش فيه قد بلغ من الإتقان، والتعقيد، درجة تجعل من المحال أن يكون نشأ بمحض المصادفة، إنه مليء بالروائع، والأمور المعقدة، التي تحتاج إلى مدبر، والتي لا يمكن نسبتها إلى قدر أعمى. ولا شك أن العلوم قد ساعدتنا على زيادة فهم، وتقدير، ظواهر هذا الكون المعقدة، وهي بذلك تزيد من معرفتنا بالله، ومن إيماننا بوجوده"٢.

ويقول الفلكي كريسي موريسون: "ومثل هذه المجموعة من المعجزات لا يوجد، ولا يمكن أن يحدث بأي حال في غيبة الحياة، وكل ذلك يتم في نظام كامل، والنظام مضاد إطلاقاً للمصادفة، أليس ذلك كله من صنع الخالق؟ "٣.

ويقال للقائلين بالصدفة:" لو أن هزة أرضية قلبت صناديق الحروف في مطبعة، بها نصف مليون حرف فخلطتها ببعضها، فأخبرنا صاحب المطبعة أنه تكون من اختلاط الحروف صدفة عشر كلمات متفرقة، فالمسألة تحتمل التصديق وتحتمل النفي، لكنه لو أخبرنا بأن الكلمات العشر كونت جملة مفيدة لازدادت درجة النفي، والاستبعاد، لكننا قد لا نجزم بالاستحالة، ولو أخبرنا بأن الحروف المبعثرة كونت كتاباً من مائة صفحة، وبه قصيدة كاملة منسجمة بألفاظها، وأوزانها، فالاستحالة في هذه الحالة بحكم البديهية. والمسألة في الكون وأجزائه، وما فيها من إتقان وإحكام وعناية، أعقد بكثير من مثال حروف المطبعة،


١ - مفتاح دار السعادة ٢/٦٩.
٢ - الله يتجلى في عصر العلم ص٥٤.
٣ - العلم يدعو للإيمان تأليف أ. كريسي موريسون ص ١٥٦.

<<  <   >  >>