المعرفة والتحقيق والتوحيد غاية ما عندهم من التوحيد هو شهود هذا التوحيد، وهو أن يشهد أن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه، لاسيما إذا غاب العارف بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمعروفه عن معرفته، ودخل في فناء توحيد الربوبية. فهذا عندهم هو الغاية التي لا غاية وراءها، ومعلوم أن هذا هو تحقيق ما أقر به المشركون من التوحيد، ولا يصير الرجل بمجرد هذا التوحيد مسلماً، فضلاً عن أن يكون ولياً لله أو من سادات الأولياء"١.
فالصوفية إذاً غايتهم في التوحيد هو إثبات الربوبية، والاستغراق في ذلك، وليس هذا ما بعث لأجله الرسل، وخلق لأجله الخلق.
وبمقارنة معنى التوحيد عند أهل السنة المعتمد على كلام الله، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بتعريف الطوائف الأخرى من فلاسفة ومتكلمين واتحادية وصوفية، يتبين لنا بعد هذه الطوائف عن ما جاء في القرآن والسنة في معنى التوحيد، بل مخالفتهم له.
١ - التدمرية ص١٨٦ - ١٨٧، وانظر في بيان فساد توحيدهم: مجموع الفتاوى ١٠/٢١٩، ١٣/١٩٨ - ١٩٩، مدارج السالكين ١/١٥٢ - ١٥٣، ١٥٨ - ١٦٠، ١٦٩، ٢٤٤، ٣٢٧، ٥١٩، ٣/٣٩٧، طريق الهجرتين لابن القيم ص٥٥،٩٨، عدة الصابرين لابن القيم ص٣٥.