للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما من حيث معناها فهي ألفاظ مجملة قد يراد بها معنى صحيح وقد يراد بها معنى باطل، وقد سئل شيخ الإسلام - رحمه الله - عن لفظ القطب الغوث فأجاب بقوله: "وأما سؤال السائل عن القطب الغوث الفرد الجامع؛ فهذا قد يقوله طوائف من الناس ويفسرونه بأمور باطلة في دين الإسلام، مثل تفسير بعضهم أن الغوث هو الذي يكون مدد الخلائق بواسطته في نصرهم ورزقهم، حتى يقول إن مدد الملائكة وحيتان البحر بواسطته، فهذا من جنس قول النصارى في المسيح - عليه السلام -، والغالية في علي - رضي الله عنه -، وهذا كفر صريح يستتاب منه صاحبه فإن تاب وإلا قتل..وأما إن قصد القائل بقوله القطب الغوث الفرد الجامع، أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه، فهذا ممكن، لكن من الممكن أيضاً أن يكون في الزمان اثنان متساويان في الفضل، وثلاثة، وأربعة، ولا يجزم بأن لا يكون في كل زمان أفضل الناس إلا واحداً، وقد تكون جماعة بعضهم أفضل من بعض من وجه دون وجه، وتلك الوجوه إما متقاربة وإما متساوية، ثم إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان، فتسميته بالقطب الغوث الجامع، بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة وأئمتها"١.

ومن المحاذير في لفظ القطب أنهم يدخلون في هذه الأسماء ما هو من خصائص الربوبية مثل كونه يعطي الولاية من يشاء، ويصرفها عن من يشاء، والله يقول لسيد ولد آدم: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص - ٥٦] وقال: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران - ١٢٨] ٢.

وبعضهم يطلق لفظ القطب على كل من دار عليه أمر من أمور الدين، أو الدنيا باطناً أو ظاهراً، فهو قطب ذلك الأمر ومداره، سواء كان الدائر عليه أمر داره أو دربه أو قريته أو مدينته أمر دينها أو دنياها، باطناً أو ظاهراً ولا اختصاص لهذا المعنى بسبعة، ولا أقل، ولا أكثر، لكن الممدوح من ذلك من كان مداراً لصلاح الدنيا والدين، دون مجرد صلاح الدنيا، فقد يتفق في بعض الأعصار أن يكون شخص أفضل أهل عصره، وقد يتفق في عصر


١ - مجموع الفتاوى ٢٧/٩٦ - ١٠٢، وانظر: منهاج السنة ١/٩٥.
٢ - انظر: بغية المرتاد ص٣٩٣ - ٣٩٤.

<<  <   >  >>