للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام موضحاً معنى الكشف وأنواعه: "فما كان من الخوارق من باب العلم، فتارة بأن يسمع العبد مالا يسمعه غيره. وتارة بأن يرى مالا يراه غيره يقظة ومناماً. وتارة بأن يعلم مالا يعلم غيره وحياً وإلهاماً، أو إنزال علم ضروري، أو فراسة صادقة، ويسمى كشفاً ومشاهدات، ومكاشفات ومخاطبات، فالسماع مخاطبات، والرؤية مشاهدات، والعلم مكاشفة، ويسمى ذلك كله كشفاً ومكاشفة أي كشف له عنه"١.

والكشف الصحيح أن يعرف الحق الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، معاينة لقلبه٢، فينكشف له من غوامض علوم الدين ما لا ينكشف لغيره، ويكون مع علمه عاملاً، فهذا من كشف الأولياء، وهو كشف ظاهر المنفعة.

ومن الكشف مالا فائدة فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، كالاطلاع على سيئات العباد٣.

ولابد أن يقترن الدين بالكشف، وإلا هلك صاحبه في الدنيا والآخرة، أما في الآخرة فلعدم الدين الذي هو أداء الواجبات وترك المحرمات، وأما في الدنيا فإن الخوارق هي من الأمور الخطرة، التي لا تنالها النفوس إلا بمخاطرات في القلب والجسم والأهل والمال٤.

وأما قول بعض الصوفية والاتحادية، أنه ثبت عندهم بالكشف ما يخالف الكتاب والسنة، فإن مشايخ الصوفية العارفين، متفقون على أن ما يحصل بالزهد والعبادة والرياضة والتصفية والخلوة، وغير ذلك، من المعارف، متى خالف الكتاب والسنة، أو خالف العقل الصريح، فهو باطل، ومن زعم من المنتسبين إليهم أنهم يجدون في الكشف ما يناقض صريح العقل، أو أن أحدهم يرد عليه أمر يخالف الكتاب والسنة بحيث يكون خارجاً عن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمره، أو أنه يحصل له علم مفصل بجميع ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمر به، فهو عندهم ضال مبطل، بل زنديق منافق، لا يجوزون قط طريقاً


١ - مجموع الفتاوى١١/٣١٣.
٢ - انظر: المدارج ٣/٢٢٦.
٣ - انظر: مجموع الفتاوى١١/٣٢٨.
٤ - انظر: المرجع السابق ١١/٣٣٠.

<<  <   >  >>