للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال - رحمه الله -: "أما في اللغة فإن أهل اللغة مطبقون على أن معنى الواحد في اللغة ليس هو الذي لا يتميز جانب منه عن جانب، ولا يرى منه شيء دون شيء، إذ القرآن ونحوه من الكلام العربي متطابق على ما هو معلوم بالاضطرار في لغة العرب، وسائر اللغات، أنهم يصفون كثيراً من المخلوقات بأنه واحد، ويكون ذلك جسماً"١.

ويقول الإمام ابن القيم في الرد على من حرف معنى الاستواء: "هذا الذي قالوه باطل من اثنين وأربعين وجهاً:

أحدها: إن لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله –تعالى - بلغتهم، وأنزل بها كلامه "نوعان" مطلق ومقيد، فالمطلق ما لم يوصل معناه بحرف مثل قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص - ١٤] وهذا معناه كمل وتم، يقال استوى النبات واستوى الطعام. أما المقيد فثلاثة أضرب:

- أحدها: مقيد بإلى كقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة –٢٩] ...وهذا بمعنى العلو والارتفاع بإجماع السلف.

- الثاني: مقيد بعلى كقوله تعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف–١٣] ..وهذا أيضاً معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة.

- الثالث: المقرون بواو "مع" التي تعدي الفعل إلى المفعول معه؛ نحو استوى الماء والخشبة، بمعنى ساواها.

وهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم، ليس فيها معنى استولى ألبته، ولا نقله أحد من أئمة اللغة الذين يعتمد قولهم، وإنما قاله متأخرو النحاة ممن سلك طريق المعتزلة والجهمية٢.


١ - بيان تلبيس الجهمية ١/٤٨٢، وانظر لأمثلة أخرى: رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ص ٣٩، ٥٢، ٥٩، ٦٣، ٦٥، ٧٢، درء التعارض ١/١١٦، ٢٢٨، ٣١٤ - ٣١٥، ٦/٧، التوحيد لابن خزيمة ١/٥١ - ٥٣.
٢ - الجهمية هم المنتسبون إلى الجهم بن صفوان أبي محرز مولى بني راسب، وهو من أهل خراسان وتتلمذ على الجعد بن درهم، كما التقى بمقاتل بن سليمان، وقتل بمرو سنة١٢٨هجرية، والجهمية تطلق أحيانا بمعنى عام ويقصد بهم نفاة الصفاة عامة، وتطلق بمعنى خاص على أتباع الجهم بن صفوان في آرائه وأهمها: القول بنفي الصفات، والقول بالجبر، والقول بفناء الجنة والنار. انظر: مقالات الإسلامييين١/٢١٤، ٣٣٨، الملل والنحل١/٨٦ - ٨٨، الفرق بين الفرق ص٢١١ - ٢١٢، مجموعة فتاوى ابن تيمية الكبرى٥/٣١ - ٣٥.

<<  <   >  >>