للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل السنة والجماعة يجعلون التأويل قسمين:

الأول: التأويل الصحيح، وهو حقيقة المعنى وما يؤول إليه في الخارج، أو تفسيره وبيان معناه، وبالجملة فالتأويل الذي يوافق ما دلت عليه النصوص، وجاءت به السنة، ويطابقها، هو التأويل الصحيح١.

ولا يقبل التأويل الذي فيه صرف للفظ عن ظاهره إلا إذا توفرت فيه أمور٢:

١ - بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي تأوله في ذلك التركيب الذي وقع فيه.

٢ - تعيين ذلك المعنى إذا كان محتملاً لعدة معان. فلا بد من دليل على تعيينه.

٣ - إقامة الدليل الصارف للفظ عن حقيقته وظاهره.

٤ - الجواب عن المعارض.

الثاني: التأويل الفاسد هو الذي يخالف ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة، ومنه ما كان صرف للفظ عن ظاهره مع فقده للشروط السابقة أو بعضها٣.

كما ذكر أهل السنة أنواعاً للتأويل الباطل مما يكون فيه مخالفة للمعروف في لغة العرب، من حيث دلالة التركيب والسياق، فذكروا من التأويل الباطل٤:

١ - مالم يحتمله اللفظ بوضعه، ومثاله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى يضع رجله فتقول قط قط قط" ٥، بأن الرجل جماعة من الناس فإن هذا لا يعرف في لغة العرب.

٢ - مالم يحتمله اللفظ ببنيته الخاصة من تثنية أو جمع، وإن احتمله مفرداً كتأويل قوله - تعالى -: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص - ٧٥] بالقدرة.

٣ - مالم يحتمله سياقه وتركيبه، وإن احتمله في غير ذلك السياق، كتأويل قوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام - ١٥٨] بأن إتيان الرب إتيان بعض آياته.


١ - انظر: الصواعق المرسلة ١/١٨١ - ١٨٧.
٢ - انظر: المرجع السابق ١/٢٨٨ - ٢٩٣.
٣ - انظر: المرجع السابق ١/١٨٧، ٢٨٨ وما بعدها.
٤ - انظر هذه الضوابط في الصواعق المرسلة ١/١٨٧ - ٢٠١.
٥ - رواه البخاري في صحيحه في كتاب التفسير "تفسير سورة ق"، باب {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق - ٣٠] ٣/٢٩٦، ح ٤٨٥٠، وفي لفظ "قدمه" ح ٤٨٤٨ ٤٨٤٩، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء ٤/٢١٨٦ - ٢١٨٧، ح ٣٦.

<<  <   >  >>