مُنْذُ خمسين سنة نَحن جَمِيعًا نعرفك أَنْت وَلَا نعترف بِهِ وبأبيه ان مَا نملك نَحن وكل الرِّجَال فِي دولة السامانيين من عَيْش وجاه وحشمة ونعمة وَولَايَة وزينة لَيْسَ إِلَّا مِنْك أَنْت فِيك وَحدك صرنا رجَالًا نَحن مَعَك وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن خُرَاسَان وخوارزم ونيمروز مَعَك أَيْضا ادْع إِلَى خلع مَنْصُور بن نوح ثمَّ نصب نَفسك أَمِيرا وهبه بُخَارى وسمرقند إِن شِئْت والا ضمهما إِلَيْك أَيْضا
وَلِأَن الْأُمَرَاء قَالُوا هَذَا الْكَلَام عَن رَغْبَة أكيدة وتامة قَالَ البتكين عَفا الله عَنْكُم لقد كَانَ كلامكم عَن إِيمَان واتحاد وَهَذَا مَا أتوقعه مِنْكُم جزاكم الله عني خير الْجَزَاء دَائِما انصرفوا الْيَوْم حَتَّى نرى مَا يحمل إِلَيْنَا غَد
لقد كَانَ مَعَ البتكين فِي هَذَا الْوَقْت ثَلَاثُونَ ألف فَارس وَكَانَ فِي استطاعته تجهيز مائَة ألف وَفِي الْيَوْم التَّالِي جَاءَ الْأُمَرَاء للقاء البتكين فَخرج إِلَيْهِم وَاتخذ مَكَانَهُ وَبعد مُدَّة وجيزة الْتفت نحوهم وَقَالَ لقد أردْت من حَدِيثي مَعكُمْ أمس أَن أختبركم لأرى فِيمَا إِذا كُنْتُم تؤازرونني وتقفون معي وتحمون ظَهْري إِذا مَا وَقع لي شَيْء أم لَا إِن مَا سمعته مِنْكُم جَمِيعًا لدَلِيل على أصالتكم ونقائكم وَحسن عهدكم ووفائكم ورعايتكم حق نعمتي إِنَّنِي لراض عَنْكُم لَكِن اعلموا أنني لَا أَسْتَطِيع بعد مَا حدث أَن أكف شَرّ مَنْصُور وأذاه عني بِغَيْر السَّيْف فَهُوَ طِفْل لَا يعرف لأحد حَقًا بل يلقِي أذنا صاغية إِلَى ثلة من الأشرار الأوباش الأرذال دون أَن يعرف مَا يضرّهُ مِمَّا يَنْفَعهُ انه يعدني وَأَنا الَّذِي أحمي سلالته عدوا وَيطْلب عنقِي فِي حِين أَنه يعد من لَا يَبْغُونَ سوى فَسَاد المملكة ودمارها وَمن لَا يَسْتَطِيعُونَ رأب أقل صدع فِيهَا أصدقاء إِنَّنِي لقادر على نزع الْملك مِنْهُ وتنصيب عَمه مَكَانَهُ أَو الِاسْتِيلَاء عَلَيْهِ بنفسي لكنني أخْشَى أَن تَقول الدُّنْيَا كلهَا ان البتكين الَّذِي حمى للسامانيين ملكهم سِتِّينَ سنة يخرج عَلَيْهِم فِي النِّهَايَة وَقد بلغ الثَّمَانِينَ وَينْزع الْملك مِنْهُم بِالسَّيْفِ ويتربع على عرش أسياده كَافِرًا نعمتهم جاحدا لَهَا
اعلموا أنني قضيت عمري كُله حسن السمعة والفعال فعلي أَلا أفعل مَا يشوه سمعتي ويسييء إِلَيّ وَأَنا على شفا حُفْرَة من الْقَبْر على الرغم من أَن منصورا هُوَ الاثم المذنب وَالنَّاس لَا يعلمُونَ هَذَا فَإِن بَعضهم سَيَقُولُ لقد كَانَ مَنْصُور هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute