يغص الْقصر دَائِما بالمتظلمين الَّذين لَا يغادرونه قبل أَن يتسلموا أجوبة شكاياتهم ان هَذَا قد يبْعَث كل رَسُول أَو غَرِيب يفد إِلَيْهِ على الظَّن حِين يسمع صُرَاخ المتجمعين وجلبتهم بَان ظلما عَظِيما ينزل بِالنَّاسِ فحتى يوصد الْبَاب دون هَذَا الظَّن يَنْبَغِي أَن تجمع شكاوى أهل كل مَدِينَة وناحية من الْحَاضِرين على حِدة وتوضع فِي مَكَان وَاحِد ثمَّ يَأْتِي خَمْسَة مِنْهُم إِلَى الْقصر لبَيَان أَمرهم وَعرض أَحْوَالهم ويتلقون الْجَواب ويتسلمون الحكم ويعودون حَالا وَهَذِه هِيَ السَّبِيل للْقَضَاء على الجلبة والضوضاء والصراخ الَّتِي لَا أساس لَهَا
كتاب يزدجرد إِلَى عمر وَجَوَابه عَنهُ
يرْوى أَن الْملك يزدجرد أرسل إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ رَسُولا يَقُول لَيْسَ فِي الْعَالم الْيَوْم مملكة أَكثر سكانا من مملكتنا وخزانة أعمر من خزانتنا وجيش اكثر من جيشنا وَلَيْسَ لأحد من الة وعدة
فَأَجَابَهُ عمر أجل إِن مملكتك مكتظة لَكِن بالمتظلمين وَإِن خزانتك مترعة لَكِن بِالْمَالِ الْحَرَام وَأَن جيشك كثير لكنه شاق عَصا الطَّاعَة وَإِذا مَا دالت الدولة فَإِن الالة وَالْعدة لَا يغنيان فتيلا ان فِي هَذَا كُله لدليلا على انحطاط دولتكم وَقرب زَوَال ملككم وَهَكَذَا كَانَ
إِن الطَّرِيقَة الأمثل أَن يبْدَأ سيد الْعَالم خلد الله ملكه بالإنتصاف من نَفسه حَتَّى يصير الْجَمِيع منصفين ويقطعوا دابر الطمع مِمَّا هُوَ محَال وَغير حق مِثْلَمَا فعل السُّلْطَان مَحْمُود