للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولَايَة كوج وبلوج وانضم إِلَيْهِ الْأَمِير فشرعوا السيوف وَقتلُوا مَا يزِيد على عشرَة الاف رجل من أَهلهَا واستولوا على الاف الدَّنَانِير وغنموا ثروات طائلة وَنِعما وأسلحة ومواشي لَا تحد أرسلها أَبُو عَليّ كلهَا إِلَى السُّلْطَان مَحْمُود مَعَ الْأَمِير حِينَئِذٍ أَمر السُّلْطَان بَان يُنَادى فِي النَّاس على من سلبهم لصوص كوج وبلوج شَيْئا مُنْذُ جِئْت الْعرَاق أَن يَأْتُوا إِلَيّ لأعوضهم عَنْهَا فأمه المدعون جَمِيعهم وعادوا فرحين وَانْقَضَت خَمْسُونَ سنة دون أَن يَبْدُو من الكوجيين والبلوجيين أَي سوء أَو تعد

ومنذ ذَلِك الْوَقْت بَث السُّلْطَان مَحْمُود أَصْحَاب الْبَرِيد ومنهي الْأَخْبَار فِي كل مَكَان حَتَّى أَنه كَانَ يعرف وَهُوَ بِالريِّ مَا إِذا غصب شخص اخر دجَاجَة ف غزنين أَو صفعه على وَجهه دون حق فيأمر بمجازاته وَقد درج الْمُلُوك على هَذَا مُنْذُ الْقدَم إِلَّا ال سلجوق الَّذين لم يأبهوا لهَذَا الْأَمر

ألب أرسلان وَصَاحب الْبَرِيد

لما قَالَ أَبُو الْفضل السجسْتانِي للسُّلْطَان الشَّهِيد ألب أرسلان أنار الله برهانه لم لَا يُوجد لَك صَاحب بريد أَجَابَهُ أَتُرِيدُ ان تذرو ملكي الرِّيَاح وتفرق عني أَنْصَارِي قَالَ لماذا قَالَ السُّلْطَان إِذا مَا اتَّخذت صَاحب بريد فَإِن محبي والمقربين مني لن يأبهوا لَهُ أَو يدفعوا إِلَيْهِ رشوة لصداقتهم لنا وقربهم منا أما أعدائي فسيصادقونه ويغدقون عَلَيْهِ الْأَمْوَال وَمَا دَامَ الْأَمر كَذَلِك فَإِن صَاحب الْبَرِيد لَا يُنْهِي إِلَيْنَا سوى الْأَخْبَار السَّيئَة عَن الأصدقاء وَالْأَخْبَار الْحَسَنَة عَن الْأَعْدَاء وَمَا الْأَخْبَار السَّيئَة والحسنة إِلَّا كرمايتك عددا من السِّهَام الَّتِي لَا بُد أَن يُصِيب أَحدهَا الهدف فِي النِّهَايَة وَهَذَا مدعاة لِأَن يزِيد فِي حقدنا على الأصدقاء والمخلصين يَوْمًا عَن يَوْم فننبذهم وَنحل الْأَعْدَاء محلهم وَحين نتلفت حوالينا نجد أَن جَمِيع الأصدقاء والمحبين قد ابتعدوا عَنَّا فِي مُدَّة يسيرَة وَأَن الْأَعْدَاء والحاقدين أخذُوا أمكنتهم وحلوا فِيهَا وَحِينَئِذٍ تختل الْأُمُور اختلالا يصعب تلافيه

وَلَكِن من الأولى اتِّخَاذ صَاحب بريد فَهَذَا الْأَمر قَاعِدَة من قَوَاعِد الْملك فَإِذا مَا كَانَ صَاحب لبريد ثِقَة على النَّحْو الَّذِي يَنْبَغِي أَن يكون فَإِن الْملك لَا يشغل باله فِي أَي أَمر من الْأُمُور الَّتِي ذكرنَا

<<  <   >  >>