عِقَابه دَائِما وَلنْ يَجْرُؤ أحد على عصيانه وَالْخُرُوج عَلَيْهِ أَو حَتَّى مُجَرّد التفكير فِي ذَلِك إِن وجود مهمة صَاحب الْبَرِيد ومنهي الْأَخْبَار لدَلِيل على عدل الْملك ويقظته وَقُوَّة رَأْيه وعَلى إعمار الدولة أَيْضا
حِكَايَة لصوص كوج وبلوج
يُقَال أَنه لما استولى السُّلْطَان مَحْمُود على الْعرَاق سرق لصوص من كوج وبلوج الَّتِي كَانَت تَابِعَة لولاية كرمان بضَاعَة إمرأة كَانَت فِي إِحْدَى القوافل النَّازِلَة بدير الجص فمضت الْمَرْأَة إِلَى السُّلْطَان مَحْمُود تَشْكُو إِلَيْهِ قائلة لقد سرق اللُّصُوص مَا بحوزتي من بضَاعَة بدير الجص فإمَّا أَن تستردها وَإِمَّا أَن تعوضني بهَا فَقَالَ مَحْمُود أَيْن يَقع دير الجص قَالَت الْمَرْأَة خُذ من الولايات مَا تَسْتَطِيع أَن تعرف مَا يَدُور فِيهَا وتوفيها حَقّهَا وتحفظها فَقَالَ حق مَا تَقُولِينَ وَلَكِن أَتَدْرِينَ من أَي قوم كَانَ أُولَئِكَ اللُّصُوص وَمن أَيْن أَتَوا قَالَت من كوج وبلوج وَقد جَاءُوا من قرب كرمان قَالَ مَحْمُود ذَلِك الْمَكَان بعيد عَن متناول الْيَد وَهُوَ خَارج عَن نطاق ولايتي وَلَا حكم لي على لصوصه فَقَالَت الْمَرْأَة أَي سُلْطَان أَنْت وَلَا تَسْتَطِيع أَن تدبر ولايتك وَأي رَاع أَنْت وَلَا تَسْتَطِيع أَن تَحْمِي الشَّاة من الذِّئْب شتان بيني وَبَيْنك أَنا فِي ضعْفي وانفرادي وَأَنت فِي قوتك وجيشك فترقرقت فِي عَيْني مَحْمُود الدُّمُوع وَقَالَ حق مَا تَقُولِينَ مَا أَنا فَاعله الان هُوَ أَن أعوضك عَن بضاعتك أما اللُّصُوص فسأعمل على التَّصَرُّف بشأنهم مَا وسعني جهدي
وَأمر بتعويض الْمَرْأَة عَن بضاعتها من الخزانة ثمَّ كتب إِلَى أبي عَليّ الياس أَمِير كرمان وتيز الرسَالَة التالية لم يكن غرضي من الْقدوم إِلَى الْعرَاق الِاسْتِيلَاء