للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَصْل الْخَمْسُونَ

فِي تدوين حِسَاب أَمْوَال الولايات ونسقه

إِن فَائِدَة تدوين حِسَاب أَمْوَال الولايات وَمَعْرِفَة الدخل والإنفاق تكمن فِي التَّأَمُّل الدَّقِيق فِي الْإِنْفَاق فيلغى عندئذ مَا لَيْسَ ضَرُورِيًّا ويحذف وَإِذا مَا كَانَ لأحد رَأْي فِي مَجْمُوع الدخل كَأَن أظهر رَغْبَة فِي التوفير فَيَنْبَغِي الإصغاء إِلَيْهِ حَتَّى إِذا تبين صِحَة مَا يَقُول يجب السَّعْي فِي إِثْر ذَلِك المَال وتوفيره فَبِهَذَا يُمكن الْقَضَاء على مَا قد يحدث من إخلال أَو تبذير فِي الْأَمْوَال وتضييعها وَلَا يظل ثمَّة شَيْء خافيا بعد ذَلِك

أما موقف الْملك أَي ملك من حَال الدُّنْيَا وشؤونها الْأُخْرَى فَيجب أَن يكون منصفا فِي كل حَال وَأَن يجْرِي وفْق السّنَن الْقَدِيمَة وعَلى قري الْمُلُوك الصَّالِحين الأخيار وعَلى الْملك أَلا يسن سنة سَيِّئَة أَو يرضى بالبدع وَمن واجبه كَذَلِك مراقبة الْعمَّال والمعاملات وَمَعْرِفَة الدخل والخرج والحفاظ على الْأَمْوَال وتأسيس الخزائن والإدخار كل هَذَا لتوفير المَال وَدفع أَذَى الْأَعْدَاء ومضارهم وَلَا يَعْنِي هَذَا أَن يمسك يَده ويغلها إِلَى عُنُقه فيصمه النَّاس بالبخل وينسبونه إِلَى الدُّنْيَا والتكالب عَلَيْهَا وَلَا يَعْنِي كَذَلِك أَن يتمادى فِي الْإِسْرَاف فَيَقُول عَنهُ النَّاس إِنَّه مبذر للأموال مذربها عَلَيْهِ أَن يعرف عِنْد الْعَطاء للنَّاس مَنَازِلهمْ وأقدارهم فَلَا يهب مائَة دِينَار من لَا يسْتَحق سوى عشرَة أَو يمنح ألف دِينَار من يسْتَحق مائَة لِأَن هَذَا يحط من أقدار العظماء والمشهورين ومراتبهم ويفسح المجال للاخرين بِأَن يدعوا ان هَذَا الْملك لَا يُرَاعِي أقدار النَّاس ومنازلهم وَلَا يعرف لأَصْحَاب الخدمات وَالْفضل والمهارات والفنون أقدارهم لذَلِك يضغنون دونما سَبَب ويقصرون فِي الْقيام بواجباتهم

وَيجب على الْملك كَذَلِك أَن يحارب الْأَعْدَاء حَربًا تتْرك بَاب الصُّلْح مَفْتُوحًا وَأَن يصالحهم صلحا لَا يوصد بَاب الْحَرْب وَأَن يوطد علاقاته مَعَ الصّديق والعدو بِنَحْوِ يُمكنهُ

<<  <   >  >>