الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
فِي أَحْوَال الرُّسُل وأساليبهم وتنظيم مهامهم
حِين يفد الرُّسُل من الْبلدَانِ الْمُجَاورَة والممالك الْمُخْتَلفَة وَلَا يدْرِي بهم أحد إِلَّا عِنْد وصولهم أَو أَن أحدا لَا يتعهدهم وَلَا يقدم لَهُم شَيْئا فِي مجيئهم وورودهم فَإِنَّهُم يحملون هَذَا محمل الْغَفْلَة والتهاون فِي الْأُمُور
يَنْبَغِي أَن يُنَبه على عُمَّال الْحُدُود بِأَن يرسلوا حَال قدوم أَي شخص خيالا فَوْرًا يخبر عَمَّن هُوَ القادم وَعَن عدد خيالته وراجليه ومعداته وخدمه وحشمه والمهمة الَّتِي هُوَ أت من اجلها كَمَا يجب أَن ينتدبوا شخصا مِمَّن يوثق بهم ويعتمد عَلَيْهِم لمرافقتهم وإيصالهم إِلَى إِحْدَى المدن الْمَعْرُوفَة ثمَّ تحويلهم إِلَى وُلَاة الْأَمر فِيهَا الَّذين يَنْبَغِي عَلَيْهِم أَيْضا أَن يقومُوا بالدور نَفسه فيأخذوهم إِلَى مَدِينَة أُخْرَى وَهَكَذَا دواليك إِلَى أَن ينْتَهوا إِلَى الْقصر وَيَنْبَغِي الإيعاز إِلَى الْعمَّال والمستقطعين فِي كل الْأَمَاكِن العامرة الاهلة الَّتِي يصل إِلَيْهَا الوافدون وَيحلونَ بهَا أَن يكرموا وفادتهم ويحسنوا معاملتهم ويقدموا لَهُم أحسن مَا عِنْدهم من طَعَام وَغَيره وَأَن يصرفوهم راضين فرحين فِي ذهابهم وأيابهم لِأَن مَا يعاملون بِهِ من إِحْسَان أَو إساءة لَيْسَ فِي وَاقع الْأَمر إِلَّا مُعَاملَة للْملك الَّذِي أوفدوا من لَدنه والملوك دَائِما يحفظون حُرْمَة بَعضهم بَعْضًا ويكرمون رسلهم إِلَى حد يرفع من أقدارهم وجاههم لَا يقلل مِنْهَا حَتَّى فِي الْوَقْت الَّذِي كَانَت تنشب فِيهِ الخلافات ويستفحل الْخطر بَين الْمُلُوك كَانَ الرُّسُل يَغْدُونَ وَيَرُوحُونَ فيؤدون الرسائل على النَّحْو الَّذِي كلفوا بِهِ دون أَن يمسهم ضرّ أَو يقل الاحتفاء بهم عَمَّا جرت بِهِ الْعَادة لِأَن أَي تصرف غير هَذَا يكون شينا على صَاحبه فَالله عز وَجل يَقُول فِي مُحكم كِتَابه الْكَرِيم {وَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute