وَهَكَذَا فِي كل أَمر يخص الْملك وَحده فَإِن تنفيذه أَو الْأَمر بتنفيذه مَنُوط بِهِ هُوَ فَقَط وَمن هَذَا الْقَبِيل إِنْزَال الْعقُوبَة وَضرب الْعُنُق وبتر الْيَد أَو الرجل وَخصي الخدم وَغَيرهَا من الْعُقُوبَات الْأُخْرَى فَإِذا مَا قَامَ أحد بتنفيذ أَي من هَذِه الْأُمُور دون إِذن الْملك وَأمره حَتَّى فِي خدمه وعبيده فعلى الْملك أَلا يقره عَلَيْهِ بل يجب أَن يُعَاقِبهُ ليعرف الاخرون أقدار أنفسهم ويلتزموا حدودهم وَتَكون لَهُم فِيهِ عِبْرَة
حِكَايَة أبرويز وبهران جوبين
يُقَال أَن ابرويز كَانَ يعز بهْرَام جوبين ويكرمه أول الْأَمر حَتَّى أَنه لم يكن يُفَارِقهُ سَاعَة وَاحِدَة أَو يركب إِلَى صيد وَيجْلس إِلَى شراب وينفرد فِي خلْوَة دونه وَكَانَ بهْرَام هَذَا فَارِسًا فَذا ومبارزا عديم النظير
وَذَات يَوْم جِيءَ إِلَى الْملك أبرويز بثلاثمائة بعير حمر النعم من عُمَّال هراة وسرخس محملة بالبضائع والأمتعة الْمُخْتَلفَة فَأمر بتحويلها فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ إِلَى قصر بهْرَام جوبين لتوسع عَلَيْهِ فِي مطبخه
وَفِي الْيَوْم التَّالِي أخبر أبرويز بِأَن بهْرَام جوبين ألْقى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة باحد غلمانه أَرضًا وَجلده عشْرين جلدَة فَغَضب أبرويز وَأمر بإحضار بهْرَام فَلَمَّا حضر أَمر الْملك بإحضار خَمْسمِائَة سيف من دَار الأسلحة وَقَالَ يَا بهْرَام اختر أحْسنهَا فاختارها جَمِيعًا فَقَالَ الْملك اختر من هَذِه أحْسنهَا أَيْضا فَاسْتحْسن بهْرَام عشرَة سيوف مِنْهَا فَقَالَ أبرويز اختر من الْعشْرَة اثْنَيْنِ فَفعل فَقَالَ أبرويز والان مرهم أَن يضعوا هذَيْن السيفين فِي غمد وَاحِد قَالَ بهْرَام يَا مولَايَ ان الغمد لَا يَتَّسِع لسيفين فَقَالَ أبرويز فَكيف يحكم حاكمان بَلَدا وَاحِدًا إِذن ففهم بهْرَام مَا قصد إِلَيْهِ الْملك حَالا وَأدْركَ خطأه فَقبل الأَرْض بَين يَدَيْهِ وَالْتمس عَفوه فَقَالَ أبرويز لَو لم يكن لَك عَليّ حق خدمَة وَلَا أُرِيد أَن أحط من عل من رفعته بنفسي لما عَفَوْت عَنْك فَالله عز وَجل ملكنا نَحن الأَرْض لَا أَنْت إِن كل مَا يحْتَاج إِلَى حكم وَقَضَاء يجب أَن يُحَال إِلَيْنَا لنقضي بِهِ بِالْحَقِّ فَإِذا مَا بدا بعد الان من خدمك وعبيدك ذَنْب يجب أَن تخبرنا أَولا لنأمر بِمَا يسْتَحق المذنب من جَزَاء حَتَّى لَا يمس أحد بأذى دون حق لقد عَفَوْنَا عَنْك هَذِه الْمرة
هَكَذَا خَاطب أبرويز بهْرَام جوبين وَقد كَانَ قَائِد جَيْشه فَمَا بالك بِغَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute