الْفَصْل التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ
فِي أَمِير الحرس وَحَملَة الدبابيس
كَانَت إِمَارَة الحرس فِيمَا تقدم من أهم الْوَظَائِف والمناصب وأجلها فِي كل الْأَعْصَار إِذْ لم يكن فِي البلاظ أعظم وَأكْثر أبهة بعد الْأَمِير الْحَاجِب الْعَظِيم من أَمِير الحرس لِأَن عمله مُخْتَصّ بالعقوبات والجميع يَخْشونَ غضب الْملك وعقابه فَإِذا مَا غضب الْملك على شخص مَا فَإِنَّهُ يَأْمر أَمِير الحرس بِأحد الْأَشْيَاء التالية ضرب الْعُنُق قطع الْيَد وَالرجل الشنق الْجلد الزج فِي السجْن الْإِلْقَاء فِي الْبِئْر وَلم يكن النَّاس يَتَرَدَّدُونَ فِي افتداء أنفسهم وأرواحهم بِالْمَالِ لقد كَانَ اللِّوَاء والطبل والدف لأمير الحرس دَائِما وَكَانَ النَّاس يخافونه أَكثر من الْملك غير أَن هَذَا المنصب أضحى خلقا بَالِيًا فِي هَذِه الْأَيَّام وَلم يعد لَهُ بهاء ورونق
يَنْبَغِي أَن يكن فِي البلاط دَائِما خَمْسُونَ فِي الْأَقَل من حَملَة الدبابيس عشرُون بدبابيس ذهبية الرَّأْس وَمثلهمْ بدبابيس فضية الرَّأْس وَالْعشرَة الاخرون بدبابيس كَبِيرَة وَأَن تكون لأمير الحرس أحسن الْوَسَائِل وأدوات الزِّينَة والتجمل وأبهاها وَأتم احترام وأكمله فَإِن يَسْتَطِيع أَن يوطن نَفسه على كل هَذَا فبها وَإِلَّا فليستبدل باخر
الْمَأْمُون وتسيير دفة الْأُمُور
فِي حِين كَانَ الْخَلِيفَة الْمَأْمُون يُجَالس ندمائه يَوْمًا قَالَ لي أَمِيرا حرس لَا عمل لَهما من الصَّباح الباكر إِلَى اللَّيْل سوى ضرب الرّقاب والشنق وَقطع الْأَيْدِي والأرجل وَالْجَلد والزج فِي السجْن النَّاس يمتدحون أَحدهمَا ويثنون عَلَيْهِ ويعرفون لَهُ حَقه باستمرار وهم عَنهُ راضون وَبِه مسرورون فِي حِين انهم يسبون الآخر ويذكرونه بِالشَّرِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute