إِن اتِّخَاذ الْجَيْش من جنس وَاحِد مدعاة لظُهُور الأخطار والتخريب وَالْفساد وَعدم الجدية وَالْبَلَاء فِي الْحَرْب يَنْبَغِي أَن يؤسس الْجَيْش من كل جنس وملة وَأَن يرابط بِالْقصرِ ألفا رجل من الديلم وخراسان يحْتَفظ بالموجود مِنْهُم الان ثمَّ يهيأ الْبَاقِي بعد ذَلِك وَلَا ضير فِي أَن يكون بعض هَؤُلَاءِ من الكرجيين وشبانكاريي فَارس لأَنهم قوم طيبون لَا غُبَار عَلَيْهِم
جَيش السُّلْطَان مَحْمُود
درج السُّلْطَان مَحْمُود على أَن يؤسس جَيْشه من عدَّة اجناس من التّرْك والخراسانيين وَالْعرب والهنود والغوريين والديالمة وَكَانَ يضع فِي اثناء السّفر ثلة من كل جنس للحراسة فِي مَكَان خَاص بِحَيْثُ لم يكن أَي فريق مِنْهُم يَجْرُؤ على ترك مَكَانَهُ خوفًا من الْفرق الْأُخْرَى بل كَانُوا يَحْرُسُونَ إِلَى جَانب بَعضهم حَتَّى الصَّباح دون أَن تغمض لَهُم أجفان
وَكَانَ كل جنس مِنْهُم يُقَاتل فِي المعارك والحروب ببسالة ومضاء حفاظا على سمعته وَخَوف الْعَار والهزيمة وَكيلا يَقُول أحد بِأَن الْجنُود من الْجِنْس الْفُلَانِيّ وهنوا فِي الْقِتَال وتقاعسوا وَكَانَ كل فريق يبلي فِي الْقِتَال بلَاء حسنا ويبذل غَايَة جهده إِظْهَارًا لقدرته وتفوقه على الاخرين
وَلِأَن قَاعِدَة اخْتِيَار الْمُحَاربين كَانَت تتمّ على ذَلِك النَّحْو فقد كَانُوا جَمِيعهم جادين