للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَن أنني أمرت مناديا يُنَادي عَلَيْكُم بِهَذَا وَأمر فِي الْحَال بشق الْغُلَام نِصْفَيْنِ وتعليقه والمخلاة مَعَه على قَارِعَة الطَّرِيق ثمَّ أَمر بِأَن يُنَادى ثَلَاثَة أَيَّام إِذا مَا بلغنَا أَن أحدا أَخذ من شخص شَيْئا سنجازيه بِمَا جازينا بِهِ هَذَا الْغُلَام من خَواص غلماننا فخاف الْجَيْش وَأمن النَّاس وَأخذت النعم والخيرات الَّتِي لَا يعلم مقدارها سوى الله عز وَجل تترى على المعسكر يوميا لتباع ثمَّة وَلم يدع البتكين أحدا من الغلمان يَأْتِي وَلَو بتفاحة وَاحِدَة من الْمَدِينَة

لما رأى أهل غزنين مَا هم عَلَيْهِ من أَمن وَعدل ونعمة قَالُوا إننا فِي حَاجَة إِلَى ملك عَادل نَكُون فِي ظله امنين على أَرْوَاحنَا وَأَمْوَالنَا وأبنائنا تركيا كَانَ أم فارسيا واخترقوا بوابة الْمَدِينَة ومضوا إِلَى البتكين وَلما رأى لويك هَذَا فر إِلَى القلعة لكنه خرج مِنْهَا بعد عشْرين يَوْمًا وَصَارَ إِلَى البتكين الَّذِي أظهر لَهُ رزقا وأملاكا يعِيش مِنْهَا وَلم يلْحق أَذَى بِأحد وعد غزنين موطنا لَهُ وَمن هُنَاكَ قصد الْهِنْد وَكَانَت الْمسَافَة بَين غزنين وديار الْكفْر مسيرَة يَوْمَيْنِ فاصاب غَنَائِم وفيرة

وشاعت الْأَخْبَار فِي خُرَاسَان ونيمروز وَمَا وَرَاء النَّهر بِأَن البتكين اقتحم أَبْوَاب الْهِنْد وأغار عَلَيْهَا وظفر بغنائم كَثِيرَة من الذَّهَب وَالْفِضَّة والأنعام وَالْعَبِيد والتحف الطريفة النادرة الَّتِي لَا يعلم مقدارها سوى الله وَحده وانضم إِلَيْهِ النَّاس من شَتَّى الْأَطْرَاف حَتَّى وصل عدد أَتْبَاعه إِلَى سِتَّة الاف خيال وَاسْتولى البتكين على عدد من الولايات وأخضعها إِلَى برشاوور وتصدى لَهُ ملك الْهِنْد بِمِائَة ألف خيال وَخمسين ألف راجل وَألف وَخَمْسمِائة فيل لإخراجه مِنْهَا وَمن الطّرف الاخر أرسل أَمِير خُرَاسَان شخصا يدعى أَبَا جَعْفَر بِخَمْسَة وَعشْرين ألف فَارس لِحَرْب البتكين أَيْضا وليثأر لهزيمة جَيْشه النكراء وقتلاه على مشارف بَلخ وَفِي مضيق خلم وَترك البتكين أَبَا جَعْفَر يتَقَدَّم بجيشه حَتَّى صَار على بعد منزلَة وَاحِدَة من غزنين فَخرج حينذاك بِرِجَالِهِ السِّتَّة الاف من غزنين وأطبق على جَيش أبي جَعْفَر واستطاع أَن يتغلب على الْخَمْسَة وَالْعِشْرين ألفا فِي مُدَّة قَليلَة ويهزمهم هزيمَة شنعاء أَسْوَأ ألف مرّة مِمَّا مني بِهِ الْجَيْش السَّابِق على مشارف خلم أما أَبُو جَعْفَر فولى الأدبار وحيدا بعد أَن وجد نَفسه دون رجال غير أَن الْقرَوِيين قبضوا عَلَيْهِ وَلم يعرفوه فسلبوه جَوَاده وكل مَا كَانَ مَعَه وأطلقوه فَمضى إِلَى بَلخ رَاجِلا متواريا ودخلها متنكرا أما انعامهم وعددهم

<<  <   >  >>