للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِذا مَا أبدى امْرُؤ لياقة ومهارة فِي المملكة وَالْأمة فَإِن الْملك يمنحه لقبا على سَبِيل التشريف على قدره يظهره على أقرانه وَيجْعَل لَهُ فضلا عَلَيْهِم فَيكون من يمنحه الْملك أَو الْخَلِيفَة لقبا أفضل مِمَّا منحه إِيَّاه وَالِده وَمِمَّا اخْتَار هُوَ لنَفسِهِ وَمن ثمَّ يَدعُوهُ النَّاس بِمَا خلعه عَلَيْهِ الْملك وَذَلِكَ هُوَ اللقب

إِن كل مَا يتخطى هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة من ألقاب لَيْسَ سوى لقب حسب ان الخاقان لقَلِيل علمه وَهُوَ تركي من أُمَرَاء الْأَطْرَاف وَلَقَد أجبناه لطلبته لقلَّة علمه ورعاية لشرفه أما أَنْت فلعلى معرفَة بِكُل علم وَمنا قريب إِن رَأينَا فِيك وثقتنا بك واعتمادنا عَلَيْك وتيقننا من تدينك لأَفْضَل وَأَرْفَع وَأكْثر من أَن تطلب إِلَيْنَا لقبا يحري على أَلْسِنَة النَّاس ويسطر فِي كتاب أَو أَن تتَوَقَّع مَا يتوقعه قليلو الْمعرفَة وَالْعلم

وَأسْقط بيد مَحْمُود لما سمع هَذَا الْجَواب غير انه كَانَ ثمَّة امراة تركية الأَصْل تقْرَأ تكْتب تعرف اللُّغَة حلوة الحَدِيث وَكَانَت هَذِه الْمَرْأَة تؤم قصر مَحْمُود دَائِما تَتَحَدَّث إِلَيْهِ وتطايبه وتمازحه وتعاشره وتقرأ بَين يَدَيْهِ كتبا وحكايات فارسية وَكَانَت جريئة مَعَه إِلَى أبعد مدى فَفِي حِين كَانَت تجالسه يَوْمًا وتطايبه قَالَ لَهَا لقد جهدت كثيرا فِي أَن يزِيد الْخَلِيفَة فِي لقبي لكنه لم يفعل على حِين ان للخاقان وَهُوَ من مسخري عدَّة ألقاب وَلَيْسَ لي سوى لقب وَاحِد لَو أَن شخصا يَسْتَطِيع سَرقَة عهد الْخَلِيفَة إِلَى الخاقان أَو الْحُصُول عَلَيْهِ بطريقة من الطّرق ويأتيني بِهِ لأعطيته مَا يُرِيد قَالَت الْمَرْأَة يَا مولَايَ أَنا الَّذِي سأذهب وأحضر الْعَهْد على أَن تُعْطِينِي مَا أُرِيد قَالَ مَحْمُود لَك هَذَا قَالَت الْمَرْأَة لَيْسَ لدي من المَال مَا أفديه لتحقييق رَغْبَة مولَايَ ان تجْعَل لي مدَدا من الخزينة فإمَّا أَن أضحي بروحي فِي سَبِيل هَذَا الْأَمر وأقضي دونه وَإِمَّا أَن أحقق مُرَاد مولَايَ قَالَ اطلبي مَا تشائين ثمَّ أَعْطَاهَا مَا طلبت من المَال والثروة والجواهر والملابس والأنعام والتحف والهدايا ومؤونة الطَّرِيق

واصطحبت الْمَرْأَة ابْنهَا الَّذِي كَانَ فِي الرَّابِعَة عشرَة من عمره وَالَّذِي كَانَت عهِدت بِهِ إِلَى مؤدب لتأديبه وتعليمه وَمَضَت من غزنين إِلَى كاشغر حَيْثُ اشترت عددا من الغلمان التّرْك والجواري وَأَشْيَاء كَثِيرَة من التحف والمسك وَالْحَرِير والطرقو وامثالها

<<  <   >  >>