وَجَرت الْعَادة أَنه إِذا مَا أَرَادَ شخص أَن يدْخل منزلا ليواصل امراة أَن يضع قلنسوته على بَاب الْمنزل ثمَّ يدْخل حَتَّى إِذا مَا جَاءَ اخر للغرض نَفسه وَرَأى القلنسوة على الْبَاب يرجع أدراجه لِأَنَّهُ يدْرك أَن ثمَّة شخصا فِي شغل
وَأرْسل أنوشروان رَسُولا إِلَى الموبذين سرا وَقَالَ لماذا هَذَا الصمت المطبق وَلم لَا تتكلمون شَيْئا فِي امْر مزدك وتنصحون وَالِدي فَأَي ممحال هَذَا الَّذِي ألزم بِهِ نَفسه حَتَّى صَار فريسة مكر هَذَا الوبش الطرار وغدره لقد بدد هَذَا الْكَلْب مزدك أَمْوَال النَّاس وهتك ستر حرمهم وأعراضهم وهيمن على عوامهم قُولُوا لي بِأَيّ حجَّة يفعل هَذَا وَمن ذَا الذب أمره بِهِ أَن تلوذوا بِالصَّمْتِ أَكثر فَإِنَّكُم تعرضون أَمْوَالكُم للنهب ونساءكم للهتك وملكنا للزوال هبوا جَمِيعًا واذهبوا إِلَى وَالِدي وأطلعوه على حَقِيقَة الْحَال وانصحوه ثمَّ ناظروا مزدك وانعموا النّظر فِيمَا يُورد من حجج ثمَّ بعث أَيْضا برسائل إِلَى عُظَمَاء الرِّجَال ومشهوريهم سرا تَقول لقد غلب على وَالِدي هوس فَاسد فأخل عقله حَتَّى أضحى لَا يُمَيّز مَا يَنْفَعهُ مِمَّا يضرّهُ لتسعوا جادين فِي معالجته وتقويمه ولتحذروا الإصغاء إِلَى كَلَام مزدك وَالْعَمَل بِمَا يَقُول وَلَا تنخدعوا مِثْلَمَا انخدع أبي ان هَذَا لباطل وَالْبَاطِل لَا أساس لَهُ وَلَا نفع لكم فِيهِ غَدا
خشِي العظماء كَلَام أنوشروان وتهديده وتراجع لَهُ بعض من كَانُوا ينوون الدُّخُول فِي مَذْهَب مزدك وَقَالُوا لنَنْظُر إلام يصير أَمر مزدك أَنى لأنوشروان هَذَا الْكَلَام وَكَانَ عمر أنوشروان فِي هَذَا الْوَقْت ثَمَانِيَة عشر عَاما
وَاتفقَ الموبذون فِيمَا بيهم وذهبوا إِلَى قباذ وَقَالُوا لَهُ اننا لم نَقْرَأ مُنْذُ عهد ادم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الان فِي أَي تَارِيخ من التواريخ وَلم نسْمع عَن أَي نَبِي مِمَّن ظَهَرُوا فِي بِلَاد الشَّام بِمثل هَذَا الَّذِي يَدعِي مزدك يَبْدُو أَنه مُنكر قَالَ قباذ خاطبوا مزدك فِي الْمَوْضُوع لنرى مِمَّا يَقُول فاستدعى الموبذون مزدك وَقَالُوا لَهُ مَا حجتك على مَا تدعيه قَالَ كَذَا أَمر زرادشت وَجَاء فِي الزند والأوستا غير أَن النَّاس لَا يعونه فَإِن كُنْتُم فِي ريب من امري فاسألوا النَّار وذهبوا إِلَى النَّار مرّة أُخْرَى وسألوها فنبعث من خلالها صَوت يَقُول الْأَمر على مَا يَقُول مزدك لَا على مَا تَقولُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute