وَجلسَ مزدك على كرسيه أما انوشروان فَوقف مشمرا عَن ساعده وَكَأَنَّهُ يَقُول انني أَنا المضيف ومزدك يكَاد يخرج من جلده فَرحا
وَأخذ أنوشروان يجلس كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى الخوان حسب مَنْزِلَته إِلَى أَن أجلسهم جَمِيعًا وَبعد أَن فرغوا من الطَّعَام تحولوا إِلَى قصر اخر فَرَأَوْا مجْلِس أنس وطرب لم يرَوا لَهُ مثيلا وَجلسَ قباذ على السرير ومزدك على الْكُرْسِيّ واجلس الْبَاقُونَ بالترتيب الَّذِي جَلَسُوا فِيهِ على الطَّعَام وَشرع المطربون يرهفون الأسماع والسقاة يديرون ابْنة الْكَرم وَبعد أَن أديرت الْخمر مرَّتَيْنِ دخل مِائَتَا غُلَام وفراش يحملون فِي ايديهم اردية ديباج ومازر قصب ووقفوا فِي أَطْرَاف الْمجْلس سَاعَة أَمرهم أنوشروان بعْدهَا أَن الْمَكَان غاص هُنَا خُذُوا الثِّيَاب إِلَى ذَلِك الْقصر ليتسنى لنا نقل الضيوف إِلَيْهِ عشْرين عشْرين وَثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ لارتداء خلعهم وَمن هُنَاكَ يذهبون إِلَى ميدان اللّعب بالطبطابة ويتنظرون فِيهِ إِلَى أَن يلبس الْجَمِيع ويأتوا إِلَيْهِ ثمَّ يتَوَجَّه الْملك ومزدك إِلَى الميدان لتفقده وإلقاء نظرة عَلَيْهِ ثمَّ نأمر بِفَتْح بَيت السِّلَاح وإحضار السِّلَاح
غير أَن أنوشروان كَانَ قد أرسل فِي الْيَوْم السَّابِق شخصا إِلَى الْقرى يطْلب مِائَتي رجل وثلاثمائة من المرتزقة بمعاولهم ومساحيهم لتنظيف الْقُصُور والحدائق والميادين وإزلة مَا فِيهَا من أوساخ وقاذورات وفضلات وَلما جِيءَ بهم جمعهم أنوشروان جَمِيعًا فِي ميدان اللّعب بالطبطابة وَأمر بإغلاق بوابته بإحكام ثمَّ خاطبهم أريدكم أَن تحفروا فِي هَذَا الْيَوْم وَهَذِه اللَّيْلَة اثْنَتَيْ عشرَة ألف حُفْرَة عمق كل مِنْهَا ذِرَاع وَنصف وَأَن تبقوا تُرَاب كل حُفْرَة إِلَى جَانبهَا ثمَّ أَمر الحراس أَن يضعوهم فِي السراي الصَّغِير دَاخل الملعب بعد أَن ينْتَهوا من الْحفر وَألا يسمحوا لأي مِنْهُم بلإنصراف وَفِي اللَّيْل سلح أنوشروان أَرْبَعمِائَة رجل خبأهم فِي السراي الصَّغِير أَيْضا وَقَالَ لَهُم كلما بعثت بِعشْرين عشْرين مِمَّن فِي الْمجْلس إِلَى الْقصر خذوهم من الْقصر إِلَى السراي الصَّغِير وَمِنْه إِلَى الميدان ثمَّ عروهم وألقوا كل وَاحِد فِي حُفْرَة على راسه إِلَى سرته بِحَيْثُ تبقى أَرجُلهم فِي الْهَوَاء ثمَّ هيلوا عَلَيْهِم التُّرَاب وطأوهم بارجلكم حَتَّى يستقروا فِي الْحفر جيدا
وَلما ذهب الموكلون بالألبسة إِلَى الْقصر الَّذِي أَمرهم أنوشروان بالذهاب إِلَيْهِ احضرت مئتا جواد بقرابيس الذَّهَب وَالْفِضَّة وأحضرت التروس وأنطقة السيوف أَيْضا فَأمر أنوشروان لتؤخذ إِلَى ذَلِك الْقصر ايضا فَأخذت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute