للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد خدع مرَّتَيْنِ الأولى باقوال مزدك ذِي الِاعْتِقَاد السيىء وَالْمذهب الْخَبيث وحيله وَالْأُخْرَى بيد الْعَامِل فلَان والوالي فلَان اللَّذين دمرا الْولَايَة بِمَا فرضاه عَلَيْهَا من ضَرَائِب بَاطِلَة أفقرت الرّعية وضيقت عَلَيْهَا الخناق لقد خدعاه لحبه المَال ببدرة ذهب أحضراها إِلَيْهِ ففرح بهَا كثيرا دون أَن يفكر بكثرتها أَو يسال الْوَالِي مثلا أَنْت أَمِير تِلْكَ الْولَايَة وواليها وَقد أنفذت إِلَيْك مبالغ من المَال رواتب ونفقات لَك لمن مَعَك أرى أَنَّك غصبتهم أعطياتهم وَإِلَّا فانى لَك هَذِه الْأَمْوَال الَّتِي أحضرتها إِلَيّ وَهَذَا النَّعيم والثروة الطارئة الَّتِي لَا عهد لَك بهَا من قبل أوليست هِيَ الْأَمْوَال الَّتِي استوليت عَلَيْهَا من النَّاس ظلما وعدوانا أَو وَأَن يَقُول لِلْعَامِلِ ان أَمْوَال الْولَايَة على أَقسَام بَعْضهَا مَا أنفقته فِي سبل الْخَيْر والاخر مَا دفعت بِهِ إِلَى خزينة الدولة فَمن أَيْن لَك هَذِه المبالغ الَّتِي أَرَاهَا مَعَك أليست الْأَمْوَال الَّتِي أَخَذتهَا دون حق إِن وَالِدي نَفسه لم يكن يتحَرَّى الْأُمُور أَو يدقق فِيهَا حَتَّى يَسْتَقِيم الاخرون فِي أَعْمَالهم

وَمَرَّتْ ثَلَاث أَو أَربع سِنِين على حكم أنوشروان وَأَصْحَاب الإقطاعات والولاة والحكام ماضون فِي تجاوزهم وتماديهم وجموع المتظلمين تترى على الْقصر تَشْكُو وتصرخ وتتظلم وَذَات يَوْم جلس أنوشروان الْعَادِل للمظالم فَحَضَرَ جَمِيع رجالات المملكة وأعيانها ثمَّ اسْتَوَى الْملك على سَرِيره فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ اعلموا أَن الله عز وَجل هُوَ الَّذِي وهبني الْملك أَولا وانني ورثته عَن وَالِدي ثَانِيًا وَأَن عمي خرج عَليّ فحاربته واسترجعت الْملك مِنْهُ بِالسَّيْفِ ثَالِثا وَلما ملكني الله الْملك جعلت لكم فِيهِ نَصِيبا فوليت كلا مِنْكُم ولَايَة وَلم أغمط أحدا فِي هَذِه الدولة حَقه بل كَانَ لكل نصيب وأبقيت الْكِبَار والمعروفين مِمَّن كَانَت لَهُم الْولَايَة والمقامات الرفيعة فِي عهد وَالِدي فِي مناصبهم وَلم أبخسهم أَرْزَاقهم وأشياءهم لقد أوصيتكم وَمَا أَزَال بِالنَّاسِ خيرا فِي الْمُعَامَلَة وَحسن التَّصَرُّف وَعدم تَحْصِيل الْأَمْوَال من ضَرَائِب وخراج إِلَّا بِالْحَقِّ أحفظ لكم حرماتكم وأصونها وَلَا تصونون بل تعرضون عَن كَلَامي لَا تخشون الله وَلَا تستحون من الْعباد إِنَّنِي أَخَاف عِقَاب الله وعذابه واخشى أَن تكون عَاقِبَة ظلمكم وبالا على عهدي إِن الْعَالم صَاف من الْأَعْدَاء والمخالفين وَأَنْتُم فِي رَاحَة وكفاف عَيْش والانصراف إِلَى شكر الله وحمده على نعمه الَّتِي وهبنا جَمِيعًا هُوَ البديل الوحيد وَالْأَفْضَل للظلم وكفران النِّعْمَة وجحودها فالظلم يقوض الْملك وكفران النِّعْمَة يمحقها

<<  <   >  >>