للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثيرين مِنْهُم فأوصلهم إِلَى الْإِمَارَة وَكَانَ يردد دَائِما أَن لَيْسَ ثمَّة من هم فِي مستوى الأتراك من حَيْثُ الْخدمَة

يُقَال إِن أحد الْأُمَرَاء استدعى إِلَيْهِ وَكيله وَقَالَ لَهُ أتعرف أحد من سكان بَغْدَاد وتجارها يقرضني خَمْسمِائَة دِينَار أَنا فِي حَاجَة إِلَيْهَا على أَن أردهَا إِلَيْهِ فِي الْمَوْسِم وَتَأمل الْوَكِيل قَلِيلا فَتذكر اُحْدُ معارفه مِمَّن يتعاطون البيع وَالشِّرَاء بِرِبْح قَلِيل وَكَانَ لَدَيْهِ سِتّمائَة دِينَار من الذَّهَب الخليفتي كَانَ قد جمعهَا بمرور الزَّمن وَقَالَ للأمير إِنَّنِي أعرف رجلا لَهُ دكان فِي سوق كَذَا أتردد عَلَيْهِ بَين الْحِين والحين وأتعامل مَعَه إِنَّه يملك سِتّمائَة دِينَار خليفتي ان ترسل فِي طلبه شخصا يستدعيه وتحسن استقباله تلاطفه وَتَدْعُوهُ إِلَى الطَّعَام فِي أَوَانه ثمَّ تطرح حَدِيث الْمُعَامَلَة فلربما يخجل مِنْك وَلَا يرد طلبتك احتراما لَك

فَفعل الْأَمِير وارسل إِلَى الرجل شخصا يَقُول لَهُ أَلا تكلّف نَفسك عناء الْحُضُور إِلَيّ فإنني أريدك فِي أَمر ضَرُورِيّ وَذهب الرجل إِلَى قصر الْأَمِير دون أَن تكون لَهُ بِهِ معرفَة سَابِقَة فَدخل عَلَيْهِ وَسلم فَرد عَلَيْهِ الْأَمِير السَّلَام والتفت نَحْو رِجَاله وَقَالَ أَهَذا هُوَ فلَان قَالُوا بلَى فَقَامَ الْأَمِير فِي وَجهه وَأمر بإجلاسه فِي مَكَان لَائِق ثمَّ قَالَ أَيهَا الخواجة لقد سَمِعت من النَّاس كثيرا عَن شهامتك وَحسن سيرتك وأمانتك وتدينك فاعجبت بك دون أَن أَرَاك وَيَقُولُونَ إِنَّه لَيْسَ ثمَّة أحد فِي سوق بَغْدَاد كُله مثل هَذَا الخواجة مُرُوءَة وَحسن مُعَاملَة ثمَّ قَالَ لَهُ أَيْضا فَلم لَا تعاشرنا إِذن وتكلفنا بِقَضَاء مَا تحْتَاج أليه من أَمر تعد بيتنا بَيْتا لَك وتصادقنا وتؤاخينا وَكَانَ الرجل يوحي بِقبُول كل مَا كَانَ يَقُول الْأَمِير وَالْوَكِيل يردد كَذَا وَمِائَة كَذَا

وَمَضَت فَتْرَة فأحضر خوان الطَّعَام وأجلس الْأَمِير الرجل بِالْقربِ مِنْهُ وَجعل يتَنَاوَل أَشْيَاء من الطَّعَام ويضعها أَمَامه باستمرار ويلاطفه ويكرمه كثيرا وَلما رفع الطَّعَام وَغسل الْحَاضِرُونَ أَيْديهم وَانْصَرفُوا وَلم يبْق سوى الْخَاصَّة الْتفت الْأَمِير نَحْو الرجل

<<  <   >  >>