وَلما رَأينَا الْأَمر على هَذِه الْحَال لذنا بالفرار وتفرقنا وَكَانَ الْوَقْت عشَاء فاديت الصَّلَاة وَبعد مُدَّة ارتديت ثِيَاب نومي واضطجعت على الأَرْض لكنه لم تغمض لي عين لشدَّة مَا كنت فِيهِ من إعياء وغيرة واستغرقت فِي تفكير عميق إِلَى أَن مضى من اللَّيْل نصفه وَقلت فِي نَفسِي إِن كَانَ يُرِيد فَسَادًا فقد حقق بغيته الْأَمر الَّذِي لَا يُمكن تلافيه وَهَذَا أَسْوَأ من قسم زوج الْمَرْأَة عَلَيْهَا بِالطَّلَاق إِن هِيَ تغيبت عَن الْبَيْت لَيْلًا لكنني سَمِعت أَن المدمنين ينامون حِين ياخذ مِنْهُم السكر مأخذه وَأَنَّهُمْ حِين يفيقون لَا يدركون كم مضى من اللَّيْل حِينَئِذٍ صممت على أَن أصعد إِلَى المئذنة وأؤذن للصَّلَاة فلربما يظنّ التركي حِين سَماع الاذان أَن النَّهَار قد وضح فيطلق سراح الْمَرْأَة ويخرجها من قصره وَلَا بُد لَهَا بعد ذَلِك أَن تمر بِالْقربِ من بَاب الْمَسْجِد أما أَنا فسأنزل بعد الْأَذَان حَالا وأقف بِالْبَابِ فِي انتظارها لأوصلها إِلَى بَيت زَوجهَا حَتَّى لاتدقع المسكينة طَلاقهَا وخراب بَيتهَا ثمنا لما حدث
ونفذت مَا فَكرت بِهِ فَصَعدت المئذنه وأذنت للصَّلَاة وأمير الْمُؤمنِينَ المعتصم لما ينم فَلَمَّا سمع الاذان فِي غير وقته غضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ ان من يُؤذن فِي نصف اللَّيْل لمفسد لِأَن كل من يسمع الاذان يظنّ أَن الْفجْر قد طلع فَإِذا مَا خرج من بَيته