للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظلمي النَّاس وَأي خلل طَرَأَ على الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين فِي عهدي أَلَسْت أَنا الَّذِي خرج من أجل مُسلم وَقع أَسِيرًا بايدي الرّوم من بَغْدَاد إِلَى بِلَادهمْ فَكسرت جيوشهم وهزمت قيصرهم ودمرت بِلَادهمْ على مدى سِتّ سنوات أَو لست أَنا الَّذِي هدم الْقُسْطَنْطِينِيَّة وأحرقها وَبنى فِيهَا الْمَسْجِد الْجَامِع وَلم يعد قبل أَن يخلص ذَلِك الرجل من قبضتهم إِن الذِّئْب وَالشَّاة يشربان فِي هَذِه الْأَيَّام من مورد وَاحِد لعدلي وَالْخَوْف مني فَكيف تجرؤ على سوق إمرأة بِبَغْدَاد إِلَى قصرك عنْوَة وترتكب مَعهَا الْفَاحِشَة وتعتدي على من نهوك وأمروك بِالْمَعْرُوفِ ضربا ثمَّ أَمر أَن أحضروا جولقا وضعوه أَي الْأَمِير التركي فِيهِ ثمَّ أحكموا ربطه فَفَعَلُوا بعد ذَلِك أَمر بمدقين مِمَّا يفتت بِهِ الجص وَقَالَ ليقف وَاحِد فِي هَذَا الطّرف وَوَاحِد فِي الطّرف الاخر ثمَّ اضرباه إِلَى أَن يصير إربا إربا وَشرع الرّجلَانِ يَضْرِبَانِهِ فَوْرًا إِلَى أَن فتتاه تفتيتا وَقَالا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن عِظَامه دقَّتْ دقا فَأمر بَان يحملا الجولق مِثْلَمَا هُوَ ويلقياه فِي نهر دجلة

بعد ذَلِك قَالَ المعتصم لي يَا شيخ إعلم أَن من لَا يخَاف الله لَا يخافني أَيْضا فِي حِين أَن من يخافه عز وَجل لَا يقدم على عمل يُعَاقب بِهِ فِي الدُّنْيَا والاخرة أما هَذَا الرجل فقد لَاقَى جزاءه لِأَنَّهُ فعل مَا لَا يفعل وَأما أَنْت فإنني امرك من الان بِأَن ترفع الْأَذَان فِي غير وقته كلما علمت بظُلْم شخص لاخر أَو أيذائه إِيَّاه دونما حق أَو لاستخفاف يَبْدُو مِنْهُ بِالشَّرْعِ لأطلبك حِين سَمَاعه وأستفسر عَن الْأَمر وأعاقب المذنب بِمثل مَا عَاقَبت بِهِ هَذَا الْكَلْب وَإِن يكن ابْني أَو أخي ثمَّ أَمر لي بصلَة وصرفني

إِن الْأَشْرَاف والعظماء والخاصة لعلى علم جيد بِهَذِهِ الْحَادِثَة وان الْأَمِير لم يعد إِلَيْك ذهبك احتراما لي بل خوفًا من الجولق والمدق ودجلة وَلَو توانى لصعدت

<<  <   >  >>