كيس ديباج أَخْضَر فِي سِتّ أَو سبع السنوات الْأَخِيرَة قَالَ أجل قَالَ السُّلْطَان أَيْن قَالَ فِي بَيت قَاضِي الْمَدِينَة وَقد أَعْطَانِي دينارين أجرا قَالَ السُّلْطَان أتعرف الْكيس الَّذِي رفوته إِن تره قَالَ أجل وَمد السُّلْطَان يَده تَحت المفرش فَتَنَاول الْكيس وَأَعْطَاهُ الرفاء وَقَالَ أَهَذا هُوَ ذَلِك الْكيس قَالَ هُوَ نَفسه فَقَالَ السُّلْطَان أَيْن الْمَكَان الَّذِي رفوته فِيهِ أرنية وَوضع الرفاء إصبعه عَلَيْهِ فَعجب السُّلْطَان لمهارته فِي دقة رفوه وَقَالَ أَتَشهد على القَاضِي إِن دعت الْحَاجة لذَلِك قَالَ وَلم لَا فَأرْسل مَحْمُود إِلَى القَاضِي رَسُولا يستدعيه وَقَالَ لاخر ادْع لي صَاحب الْكيس
فَلَمَّا حضر القَاضِي سلم وَجلسَ كالعادة فَالْتَفت مَحْمُود نَحوه وَقَالَ أَنْت رجل عَالم وعجوز عهِدت إِلَيْك بِالْقضَاءِ ووليتك أَمْوَال الْمُسلمين ودماءهم واعتمدت عَلَيْك فِي حِين أَن فِي هَذِه الْمَدِينَة خَاصَّة ومملكتي عَامَّة ألفي رجل عاطلين وهم أعلم مِنْك أفصحيح أَن تخون الْأَمَانَة وتأكل كل مَال امرىء مُسلم ظلما وعدوانا وتتركه محروما لَا يلوي على شَيْء قَالَ القَاضِي يَا مولَايَ مَا هَذَا الْكَلَام وَمن ذَا الَّذِي يَقُوله إِنَّنِي لم أفعل من ذَلِك شَيْئا فَقَالَ مَحْمُود أَيهَا الْمُنَافِق الْكَلْب أَنْت فعلت ذَلِك وانا الَّذِي أَقُول هَذَا وَأرَاهُ الْكيس وَقَالَ هَذَا هُوَ الْكيس الَّذِي فَتحته وأخرجت الذَّهَب مِنْهُ وبدلته بنحاس ثمَّ أمرت برفوه وَبعد ذَلِك قلت لصَاحبه لقد أحضرته مربوطا مَخْتُومًا وَهَكَذَا استعدته أوزنت عَليّ شَيْئا اَوْ أريتنيه أهذه هِيَ سيرتك ومسلكك فِي أُمُور الدّين قَالَ القَاضِي إِنَّنِي لم أر هَذَا الْكيس قطّ وَلَا علم لي بِمَا تَقول فَقَالَ مَحْمُود إِلَيّ بِالرجلَيْنِ فَذهب أحد الخدم وأحضر صَاحب الْكيس والرفاء وأدخلهما على مَحْمُود فَقَالَ يَا كَذَّاب هَذَا صَاحب الذَّهَب وَهَذَا الَّذِي رفى الْكيس من هُنَا فَخَجِلَ القَاضِي واصفر وَجهه وَأخذ يرتجف خوفًا وَلم يسْتَطع التفوه بِشَيْء فَقَالَ مَحْمُود خذوه وتولوا أمره وأريده أَن يُعِيد للرجل ذهبه الان وَإِلَّا أمرت بِضَرْب عُنُقه وسامر بعد ذَلِك بِمَا يجب فعله فَأخْرج القَاضِي من عِنْد مَحْمُود وَوضع فِي دَار الخفراء حَيْثُ قيل لَهُ سلم الذَّهَب فَطلب القَاضِي وَكيله ودله على مَكَان الذَّهَب فَذهب الْوَكِيل وأحضر الألفي دِينَار وَهِي من الذَّهَب النَّيْسَابُورِي وَأَعْطَاهَا صَاحبهَا
وَفِي الْيَوْم التَّالِي جلس مَحْمُود لمظالم وأعلن بِحُضُور الكبراء خِيَانَة القَاضِي على الْمَلأ ثمَّ أَمر بإحضاره وتعليقه منكس الرَّأْس من على شرفات الْقصر لَكِن الكبراء تشفعوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute