منها: قصر الصلاة في السفر فإن الأدلة دلت على تأكيد سنية قصر الصلاة في السفر حتى قيل بوجوبه وتحريم الإتمام، وهو رواية عن الإمام أحمد، وذلك لأن حالة السفر حالة تخالف حالة الإقامة، فالمسافر يجد من الحرج والمشقة في تطبيق بعض الأحكام ما لا يجده المقيم فروعيت حالة السفر وشرع فيه من التخفيف والتيسير ما لم يشرع للمقيم. من ذلك قصر الرباعية، وجواز الجمع، وجواز المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها، وإسقاط الجمعة عنه، وجواز الفطر في رمضان، بل استحبابه على قولٍ في المذهب كل ذلك مراعاة لحالة المسافر حتى لا يكون عليه حرج ولا عسر ولا مشقة.
وهذه الأحكام السابقة متعلقة بما يسمى سفرًا عرفًا وإن لم يكن مصحوبًا بالمشقة في آحاده، أي بالنسبة لبعض الناس، فالعبرة بالغالب الشائع لا القليل النادر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (السفر قطعة من العذاب) ، والله أعلم.
ومنها: جواز الانتقال من الطهارة المائية إلى الترابية إذا كان في استعمال الأولى حرج ومشقة كخوف من زيادة مرض، أو تأخر برء، أو شدة بردٍ، أو وجد الماء يباع بثمن زائد على ثمن المثل كثيرًا ونحوه، فإنه يجوز له حينئذٍ الانتقال وذلك مراعاة لحاله ورفعاً للحرج والعسر عنه بهذا التيسير، وعليه حديث عمرو بن العاص لما صلى بأصحابه وقد أجنب ثم تيمم خوفًا من الهلاك؛ لأنه كان في ليلة باردة (١) .
ومنها: جواز الفطر في رمضان لمريضٍ يلحقه بترك الفطر مشقة من زيادة مرضٍ أو تأخر برء ونحوه، فلما حصل العسر حل اليسر.
ومنها: جواز الصلاة قاعدًا في فرض للمريض إذا كان القيام يزيد في مرضه، أو لمداواةٍ لقول طبيب مسلم.
ومنها: جواز صلاة القصاب في ثيابه وربما أصابها شيء من الدم لوجود العسر عليه بكثرة إبدالها فارتفع العسر وحل اليسر إذا لم يتيقن نجاستها.