ومنها: باعه عبدًا واشترط عليه العتق صح البيع ولزم الشرط وهو المشهور من المذهب؛ لأن الأصل فيها الحل والإباحة، ويجبر المشتري على العتق إن أباه، ويكون الولاء للمشتري لا البائع الأول؛ لأن الولاء لمن أعتق.
ومنها: باعه دارًا واشترط سكناها مدة معلومة، أو دابة واشترط نفعها مدة معلومة صح البيع والشرط لحديث جابر عند الشيخين وتقدم.
ومنها: ما يسمى بالشرط الجزائي، وهو من مصلحة العقد، فبعض العلماء حرمه لكن الراجح جوازه لعموم الأدلة الماضية؛ ولأنه حافز لإكمال العقد في وقته المحدد له، ويدل عليه بالخصوص ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن ابن سيرين أن رجلاً قال لمكريه أدخل ركابك فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج فقال شريح: من شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهو عليه (١) ، والله أعلم.
هذه بعض الأمثلة التي تدلك على ما وراءها من أن كل شرط يشترطه العاقدان فالأصل فيه الحل والإباحة إلا الشرط الذي يخالف دليلاً صحيحًا فهو حينئذٍ باطل. ومن ذلك – أي من الشروط الفاسدة – اشتراط الولاء كأن يبيعه عبدًا أو جارية ويشترط أن الولاء له فهذا الشرط باطل لكن البيع صحيح؛ لأن اشتراط الولاء مخالف للشريعة لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريرة:(وإنما الولاء لمن أعتق) وقال فيه: (ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، كل شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) .
(١) قول التابعي ليس بحجة، لكن يقال: يستأنس على جوازه بما رواه البخاري ... إلخ. وينبغي اشتراط عدم مخالفته دليلاً شرعياً، كما لو باعه ديناً واشترط الزيادة إذا لم يسدد أو كان الشرط ملزماً بالملتزم بإتمام العمل.