ومنها: الأصل تحريم النظر إلى النساء الأجنبيات، قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ} وإنه ما حصل بلاء وفاحشة إلا وكان النظر أول بداياته، ولذلك سدت الشريعة باب الزنا بسد باب النظر إلى النساء، لكن أجازت للخاطب العازم الذي ظهرت منه بوادر الصدق قبل العقد أن ينظر إلى مخطوبته بعلمها أو بدون علمها؛ لأنه أحرى أن يؤدم بينهما، فهذه النظرة الشرعية لما ثبت جوازها فإننا نعرف أنه لا ضرر فيها، فهذه النظرة لا تثير من الشهوة ما يثيره النظر المحرم ولا يحصل منها المفاسد والطوام التي تحصل من النظر المحرم، ذلك لأنها جازت شرعًا وكل ما جاز شرعًا فإنه يرتفع ضرره قدرًا مع أن كليهما نظر لكن اقترنت المفاسد والبلايا بالأول لحرمته وارتفعت عن الثاني لشرعيته، وإن أردت مصداق كلامي فانظر ما يثيره النظر إلى الزوجة وما يثيره النظر إلى غيرها، فإننا لم نسمع أحدًا عاقلاً يقول نظرت إلى زوجتي فاشتهت نفسي الزنا أبدًا فإن ما يحدثه النظر إلى الزوجة في النفس لا يكون فيه أي مفسدة، بل هو قاتل للمفسدة، أما النظر إلى الأجنبية فإنه يثير شهوة الزنا والفجور والخلوة المحرمة ولذلك جعل النظر إلى الزوجة قاتل لما في النفس من شهوة النظر الحرام كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا رأى أحدكم من امرأة ما يعجبه فليأت أهله فإن ذلك يذهب عنه) فسبحان من وسعت حكمته كل شيء وهو العزيز الحكيم.