للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: إما أن ينهى عنه لذاته أي أن النهي منصب على الذات لا غيرها كالنهي عن الشرك أو شرب الخمر أو الزنا واللواط والسرقة ونحوها، فإن كان النهي يعود إلى ذات المنهي عنه فإنه يدل على الفساد، أي فساد المنهي عنه فمن ذبح لغير الله فذبيحته فاسدة لأن النهي عن الذبح لغير الله نهي عاد إلى ذات الذبح لأنه شرك.

الثانية: أن يكون النهي إلى شرط المنهي عنه ونعني بالشرط هنا شرط الصحة لا شرط الوجوب، فإذا كان النهي يعود إلى شرط الصحة للمنهي عنه فإن المنهي عنه فاسد.

والثالثة: أن يكون النهي عائدًا إلى أمر خارج عن الذات والشرط فإنه لا يدل على فساد المنهي عنه وإنما يدل على نقصان الأجر لكن الفعل صحيح فمن فهم الفرق بين عود النهي على هذه الثلاثة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، وإليك الفروع على هذه القاعدة حتى تتضح أكثر فأقول:

منها: الصلاة بلا ستر عورة منهي عنها، فهل هي فاسدة أم لا؟ الجواب إن اشتراط ستر العورة في الصلاة شرط من شروط الصحة فإذا صلى بلا ستر عورة فصلاته باطلة؛ لأن النهي عن الصلاة بلا ستر عورة نهي عاد إلى شرط الصحة وإذا عاد النهي إلى شرط الفعل الذي لا يصح إلا به فالفعل فاسد وهذا واضح.

ومنها: الصلاة بلا طهارة، صلاة باطلة وفاسدة لأن النهي عنها عاد إلى شرطها الذي لا تصح إلا به فإن الصلاة لا تصح إلا بالطهارة، فهذه الصلاة منهي عنها لشرطها وما نهي عنه لشرطه فإنه باطل (١) .

ومنها: من صام بلا نيةٍ من الليل فصومه باطل؛ لأن النهي عن الصيام بلا نية نهي عاد إلى شرطه الذي لا يصح إلا به، فلا صيام إلا بنية فالصيام بلا نية صيام باطل؛ لأن النهي إذا عاد إلى الشرط فإنه يدل على بطلان الفعل.


(١) هذه الأمثلة فيها نظر لأن فيها مخالفة أمر لا ارتكاب نهي. والصلاة بلا طهارة الوارد نفي لا نهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>