ومنها: من صلى بجورب الحرير أو خاتم الذهب فكذلك صلاته صحيحة إن لم يكن قد مسح عليه لبطلان المسح عليه كما مضى، أما هنا فالكلام على الصلاة لا على المسح، فصلاته صحيحة لكن مع الإثم.
ومنها: من حجت بلا محرم فحجها صحيح لكن مع الإثم؛ لأنه ليس من شروط صحة الحج وجود المحرم وإنما المحرم للمرأة من شروط الوجوب فقط، فالنهي عن حج المرأة بلا محرم لا تعلق له بذات الحج ولا بشرطه الذي لا يصح إلا به فيكون عن أمر خارج فيدل فقط على الإثم ونقصان الأجر لا على البطلان.
ومنها: النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني نهي لا تعلق له بذات البيع ولا بشرطه الذي لا يصح إلا به، ولذلك شروط صحة البيع سبعة معروفة ليس منها أن لا يكون بعد نداء الجمعة الثاني، إذًا النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني نهي عاد إلى أمرٍ خارج عن الذات وشرط الصحة وإذا عاد النهي إلى أمرٍ خارج فلا يدل على الفساد ولكن يدل على الإثم ونقص الأجر فقط (١) .
ومنها: البيع في المسجد محرم لكن لو وقع لصح مع الإثم؛ لأن النهي عنه لا يرجع إلى الذات ولا الشرط وإنما إلى أمرٍ خارج والنهي عن الأمر الخارج لا يدل على البطلان. وعلى ذلك فقس.
مسألة: اعلم – رحمك الله تعالى – أن هناك فرقًا بين تحريم الشيء والحكم عليه بالبطلان، فالبيع بعد النداء الثاني، وفي المسجد وحج المرأة بلا محرم ولبس الحرير والذهب للرجل كل هذا محرم لاشك فيه لكن لا تلازم بين تحريم شيء والحكم عليه بعدم الصحة، فهذه الأفعال صحيحة في ذاتها لكن أصحابها يأثمون لتلبسهم بالمنهي عنه فانتبه لهذا، وخلاصة الكلام أن كل فعل لا يصح فهو محرم وليس كل فعلٍ محرم لا يصح، فقد يكون محرماً مع الصحة.
(١) هذا خلاف المذهب وإلا فالنهي الوارد في الآية عن ذات البيع لقوله تعالى " وذروا البيع".