ومنها: تحديد مدة الحيض لمن أطبق بها الدم ولا عادة لها ولا تمييز فإنها ترجع لعرف نسائها كأمها وأختها فإذا كان عرفهن ستة أيام أو سبعة أيام فتجلس ذلك، لكن هذا الفرع في النفس منه شيء وإنما ذكرته للتنبيه عليه. والصواب في هذه الحالة أنها تجلس غالب الحيض وهو ستة أيام أو سبعة أيام لحديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها (١) .
ومنها: القبض: أعني قبض المبيع يختلف باختلاف أعراف الناس بحسب تنوع السلع فقبض العقار عند الناس هو بتخليته وتمكين المستأجر أو المشتري من السكنى فيه، وقبض الذهب والفضة يكون بتناوله باليد، وقبض السيارة بتمكين البائع المشتري أن يتصرف فيها بل وينقلها من مكان الشراء وهكذا، فالقبض معناه واحد لكن اختلف لاختلاف الأعراف ولاختلاف السلع وكل ذلك مبناه على العرف. أما قبض المكيلات والموزونات فإن له تحديد في الشرع وهو الكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن فلا نرجع إلى العرف في تحديده.
ومنها: الأصل أن تحديد اليمين بنية صاحبها ما لم يكن ظالمًا، فإن لم تكن نية فنرجع إلى السبب المهيج فإن لم يكن ثمَّ سبب مهيج فنرجع إلى التعيين، فإن لم يكن ثمَّ تعيين نرجع إلى تحديدها بما يتناوله الاسم والأسماء ثلاثة: شرعي ولغوي وعرفي، والفرع عندنا الآن في العرفي، فإذا حلف الإنسان لا يأكل لحمًا فأكل دجاجًا لم يحنث؛ لأن العرف يقضي أن الدجاج ليس لحمًا، ومن حلف لا يقرأ كتاب علمٍ فقرأ كتاب حسابٍ لم يحنث؛ لأن كتب العلم تنصرف إلى كتب الشريعة في عرف الناس فحكمنا العرف في هذه اليمين.
(١) الراجح ردها إلى عرف نسائها فإن شبه المرأة بأمها وأختها ونحوهما أقرب من شبهها بالأجنبيات، وحديث حمنة قد ضعفه أكثر أهل العلم فقد ضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن منده والبيهقي والإمام أحمد في رواية عنه وهو مخالف لأحاديث الصحيحين في رد المستحاضة إلى العادة ولم يردها إلى التمييز، أيضاً لعدم انفصاله هل لها تمييز أو لا.