للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم – رحمك الله تعالى – أن الإنسان إذا قبض عينًا ما أي عين كسيارة أو نقود أو لقطة أو نحوها فلا يخلو قصده من حالتين: الأولى: أن يكون قصده عند قبضها استعمالها أي الانتفاع بها أي أن ينتفع بها هو ويسمى هذا القبض قبضاً لحظ النفس أي لحظٍ يعود لنفسه. الثانية: أن يكون قصده عند قبضها حفظها لمالكها الأصلي، أي لاحظ للقابض فيها وإنما قبضها لحظ مالكها، ويسمى هذا القبض، قبضاً لحظ الغير (١) ، أي لمصلحةٍ تعود إلى الغير الذي هو المالك أو من يقوم مقامه كوكيله، إذا علم هذا وفرقت بين الأمرين فاعلم: أن الأول: أي الذي قبض العين لحظ نفسه إذا ادعى أنه رد العين المقبوضة إلى مالكها أن دعواه هذه لا تقبل عند إنكار المالك الأصلي إلا إذا جاء ببينة تثبت صحتها ذلك؛ لأن له حظًا في إبقائها عنده؛ لأنه يريد منفعتها فقبضه لها لمنفعةٍ تعود عليه هو شبهة جعلتنا لا نقبل قوله في الرد حتى تثبت البينة صدق دعواه، فإن جاء ببينة من شهادةٍ ونحوها على إثبات الرد قبلناها وإن لم يأت ببينة حكمنا أن العين لا زالت باقية عنده هذا بالنسبة للشطر الأول من القاعدة وهو قولنا: (من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة) . وأما الثاني: أي من قبضها لحظ غيره فإنه إذا ادعى رد العين وأنكر المالك الأصلي فإن القول قول القابض ولا يطالب ببينةٍ تثبت صحة دعواه؛ لأن الشبهة فيه منتفية فإنه لاحظ له في قبض العين أصلاً وإنما هو محسن بهذا القبض؛ لأنه يحفظها لمالكها وما على المحسنين من سبيل، وهذا هو معنى قولنا: (ولغيره) أي إذا قبضها لحظ غيره (يقبل) قوله في الرد: (مطلقًا) أي وإن لم يأت ببينة، إذا علمت هذا فإليك بعض فروع هذه القاعدة حتى تتضح أكثر:


(١) دخول أل على غير لا يصح في اللغة وإن استعمله بعض الفقهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>