بنظرية كوبرنك، شأن غير واحد من أساتذة العصر، وفي سنة ١٦٠٩ صنع التلسكوب، فرأى جبال القمر ووديانه، وأقمار المشتري الأربعة, وعين قانون حركتها. وفي مارس من السنة نفسها نشر كتابًا بعنوان "رسول من النجوم" عرض فيه كشوفه، وأعلن انحيازه لنظرية كوبرنك؛ فلقي هذا الكتاب نجاحًا عظيمًا, وغادر جليليو بادوفا إلى فلورنسا إجابة لدعوة الغراندوق. وفي أواخر السنة اكتشف كلف الشمس، فاستنتج من حركة الكلف على قرص الشمس دوران الشمس نفسها، وفساد الرأي القديم الذي يقسم العالم إلى منطقة سفلية هي محل الكون والفساد، وأخرى علوية بريئة منهما. ودعا أتباع أرسطو إلى النظر بالتلسكوب، ويذكر أن ملانكتون، الزعيم البروتستانتي، وكريمونيني، أستاذ بادوفا، رفضا هذه الدعوة غيرة منهما على مذهب أرسطو، وفي سنة ١٦١١ ذهب جليليو إلى روما، فأحسن البابا بولس الخامس وفادته، واحتفى به فلكيو المعهد الروماني؛ ثم عاد إلى فلورنسا.
ب- وما كاد يستقر فيها حتى صدر كتاب لأحد علمائها "في الفلك والبصريات والطبيعيات"" ١٦١١ " يتهمه بمخالفة التأويل السلفي للكتب المقدسة, فرد عليه جليليو في ٢١ ديسمبر ١٦١٢ برسالة موجهة إلى الراهب البندكتي كاستلي، أستاذ الرياضيات بجامعة بيزا الذي كان يقول بدوران الأرض، ودفع التهمة بتأويل النصوص الكتابية المعترض عليها طبقًا لنظريته, ثم عاد فأسهب في هذا الموضوع في رسائل أخرى. وفي ٥ فبراير ١٦١٥ أحال أحد الرهبان الدومنيكان إلى ديوان الفهرست، وهو الديوان المكلف بمراقبة الكتب ووضع الخطر منها في ثبت الكتب المحرفة، ورسالة جليليو إلى كاستل. فقام الديوان بالتحقيق مع جليليو، ونصحه الكرادلة دلمونتي، الذي كان رشحه للأستاذية بجامعة بيزا، وبلارمينو، من كبار رجال الكنيسة، وباربريني، الذي صار فيما بعد البابا أوربان الثامن، بأن يقتصر على التدليل العلمي، ويعرض نظريته على أنها فرض أبسط من النظرية القديمة، ويدع تفسير الآيات الكتابية إلى اللاهوتيين ولكنه لم يستمع إلى هذه النصيحة. ونشر تفسيرًا جديدًا لبعض الآيات, فأعلن إليه ديوان التفتيش في ٢٥ فبراير ١٦١٦ أن يمتنع من الجهر برأيه، فوعد بالامتناع. وفي ٥ مارس قرر ديوان الفهرست تحريم كتاب كوبرنك "ما لم يصحح" وأغفل