قسيس لم يزاول مهام الكهنوت قط، وإنما قرأ الفلاسفة المحدثين، وخالط معاصريه منهم، واعتنق مذهب لوك، فكان زعيم الحسية في وطنه. عرض هذه الحسية في كتابه "محاولة في أصل المعارف الإنسانية"" ١٧٤٦ " وأتبعه بآخر عنوانه "كتاب المذاهب"" ١٧٤٩ " نقد فيه مذاهب ديكارت ومالبرانش وسبينوزا وليبنتز وغيرهم من المعتمدين على العقل وحده، فلا يهتدون إلى الحق، بل لا يتفقون فيما بينهم، فالامتداد عند ديكارت جوهر، وعند سبينوزا عرض، وعند ليبنتز معنى متناقض، ثم نشر كتابه المعروف "في الإحساسات"" ١٧٥٤ " يفصل فيه الكتاب الأول. وألحق به كتاب "الحيوان"" ١٧٥٥ " يبين فيه نشوء قوى الحيوان والفرق بينه وبين الإنسان. وفي ١٧٦٨ انتخب عضوًا بالأكاديمية الفرنسية خلفًا لقسيس آخر، والواقع أن أسلوبه رشيق واضح. وبعد وفاته نشر له كتاب في "المنطق" لا على الطريقة المدرسية، ولكنه عبارة عن ملاحظات ونصائح في تدبير الفكر، وكتاب في "لغة الحساب" لم يتمكن من إتمامه، وكان يقصد به إلى بيان الطريقة التي يمكن بها صوغ جميع العلوم، ومنها الأخلاق والميتافيزيقا، بمثل ما للرياضيات من دقة.
٨٠ - مذهبه:
أ- يذهب كوندياك في الحسية إلى أبعد من لوك، فإنه يقصر التجربة