أ- هو أشهر أساتذة بادوفا في ذلك العصر. وكانت جامعتها أرسطوطالية رشدية تتشبث بتأويل ابن رشد لأرسطو، ليس فقط في العقليات، بل أيضًا في الطبيعيات، فتعارض الميكانيكا الجديدة التي بدأت في جامعة باريس في القرن الرابع عشر، بنظرية أرسطو في حركة المقذوفات، وتصر على قسمة العالم إلى الرشديين اللاتين في قولهم: إن القضية الواحدة قد تكون صادقة عند اللاهوتي دون أن تكون كذلك عند الفيلسوف، وإن باستطاعتنا أن نؤمن بالإرادة بما لا نجد له مبررًا في العقل، فنخضع للدين مع علمنا ببطلان عقائده. ونشر كتابًا في "خلود النفس" أنكر فيه الخلود، ثم أعلن خضوعه لتعليم الدين بالخلود كحل نهائي للمسألة، ولكن محكمة التفتيش أمرت بإحراق الكتاب، ونجا هو من الأذى بفضل حماية أحد الكرادلة.
ب- في كتاب "خلود النفس"" ١٥١٦ " يذهب إلى أن الخلود ليس لازمًا من مبادئ أرسطو، فكأنه يرد على القديس توما الإكويني الذي قال بعكس ذلك، بل كأنه يقيم الحجة على الكنيسة بالفيلسوف الذي أعلنته حجتها. وفي معالجته للمسألة ينحرف عن قول ابن رشد وأتباعه: إن العقل المنفعل مفارق كالعقل الفعال، وإن للنفس الإنسانية بما هي مشاركة في المعرفة العقلية خلودًا لاشخصيًّا، ويتابع إسكندر الأفروديسي في أن العقل المنفعل في النفس، وأنه "هيولاني" أي: إنه مجرد استعداد جسماني لقبول تأثير العقل الفعال المفارق، وإن النفس الإنسانية فانية كالجسم. وكان هذا الموقف الثاني يعد أكثر خطرًا من الأول، وكانت هناك مناقشات بين أتباع إسكندر وأتباع ابن رشد، فلا نعجب أن يشجع البابا أحد الرشديين "واسمه نيفو Nifo" على معارضة بونبوناتزي، فيدون كتابًا "في الخلوط" لهذا الغرض " ١٥١٨ " وبعض الشر أهون من