ابن معلم ابتدائي. شغف منذ حداثته بالعلوم الطبيعية والتاريخ، وبالمناقشات العلمية والسياسية والدينية، كان مهندس سكك حديد بضع سنوات, وشغل بمسألة التطور حين قرأ كتاب ليل Lyell في طبقات الأرض الذي كان في طبعاته الأولى يعارض نظريات لامارك، وخرج من دراسة علم الأجنة بأن التطور هو الانتقال من المتجانس إلى المتنوع، وأنه قانون الطبيعة. ونظر في المذهب الحسي كما كان إلى وقته وتفسيره محتوى الوجدان من أفكار وعواطف بالتجربة الفردية, فارتأى أن هذا المحتوى يفسر بتجربة النوع تتعين وتتطور بالوراثة، فدون كتابًا أسماه "مبادئ علم النفس"" ١٨٥٥ " عرض فيه هذا الرأي ونظرية التطور في جملتها. وأول عرض قام به لفلسفة التطور ظهر في مقال عنوانه "التقدم، قانونه وعلته"" ١٨٥٧ " فذكره دروين في مقدمة كتابه "أصل الأنواع" بين الذين سبقوه إلى نظريته. ثم رأى أن نسبية المعرفة على طريقة كنط وهاملتون ومنسل, تسمح له بإفساح مجال للدين إلى جانب مجال العلم وبناء فلسفة شاملة، فشرع يدون كتبه الكبرى في "الفلسفة التركيبية" حيث جمع علوم العصر كلها مؤلفة في مذهب متسق حول مبدأ التطور، أي: إنه وضع الفلسفة التركيبية الموضوعية التي كان أوجست كونت قد قال باستحالتها لاستحالة الانتقال التدريجي من مرتبة إلى أخرى من مراتب الوجود. هذه الكتب تفصيل مقالات نشرها في مجلات مختلفة ثم جمعت في ثلاثة مجلدات بعنوان "محاولات"؛ ولكنه تفصيل فضفاض كدس فيه كل المعارف في حين أن المقالات قصيرة واضحة. وجاءت الكتب الكبرى في عشرة مجلدات تتالت من ١٨٦٠ إلى ١٨٩٣. وهذه أسماؤها: المبادئ الأولى, مبادئ البيولوجيا في مجلدين, مبادئ علم النفس في مجلدين، مبادئ علم الاجتماع في ثلاثة مجلدات،