تخرج في مدرسة الهندسة بباريس, واشتغل بالفلسفة، وكان هدفه الأول التدليل على الحرية. نهج في ذلك منهج ديكارت في "البحث عن حقيقة أولى""وهذا عنوان كتابه الذي لم ينشر إلا في سنة ١٩٢٤ ". يريد أن الحرية شرط المعرفة أو أنها الحقيقة الأولى بين الحقائق التي نوفق إلى اكتسابها، لكن لا باعتبارها ظاهرة وجدانية، على ما يذهب إليه الروحيون، إذ إن الشعور بانتفاء القسر "أو عدم الشعور بالقسر" لا يعد دليلًا على حرية الفعل, وإن التجربة الباطنة لا تعد حجة إلا إذا وجدت النفس في عين الظروف مرتين أو أكثر فجاء فعلها في كل مرة مختلفًا، وهذا مستحيل الوقوع. فالوسيلة إلى التدليل على الحرية هي أن نضع أنفسنا موضع الباحث عن حقيقة أولى, "وكيف أعتزم البحث، وأحدد الغاية، وأقاطع العادة والمألوف من الآراء، وأحاول وضع نفسي في حالة استقلال وإخلاص ... إذا كانت أفكاري تتعاقب في نظام لا سيطرة لي عليه؟ " الحرية هي إذن القدرة على التصرف بأفكاري وسلكها في نظام غير محتوم. فالحرية هي الحقيقة الأولى السابقة على كل حقيقة, ذلك بأني لا أستطيع أن أثبت أو أن أنفي إلا بواسطة الحرية أو الضرورة، وهناك أربعة فروض لا خامس له: فإما توكيد الضرورة ضرورة, أو توكيد الحرية ضرورة، أو توكيد الضرورة بحرية، أو توكيد الحرية بحرية. فالفرض الأول لا يدع مجالا للمعرفة كما تقدم، والثاني متناقض، والثالث متناقض كذلك، والرابع هو الفرض الممكن في ذاته وفاتح الطريق إلى المعرفة, فلا يقام على الحرية دليل بمعنى الكلمة، ولكنها تسلم تسليمًا. "وإني أفضل أن أثبت الحرية، وأن أثبت أني أثبتها بوساطة الحرية, وإثباتي هذا ينقذني ويحررني. وإني آبي مواصلة معرفة لا تكون معرفتي، وأعتنق اليقين الذي أنا صانعه".