ولد بجنيف من أسرة فرنسية الأصل بروتستانتية المذهب. وعهد به والده إلى أحد الحفارين كي يعلمه صناعته، وكان هذا الرجل فظًّا قاسيًا، فغادر روسو المدينة هربًا منه وهو في السادسة عشرة، وهام على وجهه يحترف شتى الحرف في سويسرا وإيطاليا. وبعد ثماني سنوات لقي في سافوي سيدة يسَّرت له شيئًا من الاستقرار، فاستطاع أن يكون نفسه إذ تعلم الموسيقى واللاتينية وقرأ الفلاسفة. وبعد خمس سنين قصد إلى باريس، ثم غادرها إلى البندقية، فكان كاتبًا لسفير فرنسا فيها. وعاد إلى باريس وهو في الثالثة والثلاثين، وأخذ يتردد على الفلاسفة وبخاصة ديدرو. وفي صيف ١٧٤٩ قرأ في إحدى الصحف أن أكاديمية ديجون تعرض للمسابقة هذه المسألة:"هل عاونت الفنون والعلوم على تصفية الأخلاق؟ " فاهتزت نفسه وجاشت فيها الأفكار، وخطر له الجواب بالسلب، وشرع يكتب وقدم للأكاديمية ما كتب وأحرز الجائزة. وهذا أصل كتابه الأول "مقال في العلوم والفنون"" ١٧٥٠ " الذي طير صيته في أرجاء أوروبا، حتى لقد كتب إليه ملك بولندا. ثم أعلنت تلك الأكاديمية أنها تضع للمسابقة هذا الموضوع:"ما منبع تفاوت المراتب بين الناس؟ وهل يقره القانون الطبيعي؟ " فعقد العزم على الكتابة وأخرج كتابه الثاني "مقال في أصل التفاوت بين الناس" ولكن الأكاديمية لم تمنحه الجائزة. فنشر الكتاب " ١٧٥٤ " ومضى يعمل على استكمال مذهبه، وبعد ثماني سنين " ١٧٦٢ " نشر كتابين: أحدهما "العقد الاجتماعي" والآخر "إميل أو في التربية" ١. فأنكرت السلطة الباريسية الكتاب الأخير