أ- هو زعيم هذه الطبقة الثانية. كان في العشرين لما أعلنت أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية، بناء على اقتراح فيكتور كوزان، عن مسابقة في "ميتافيزيقا أرسطو، عرضها ومناقشتها" فعالج الموضوع وفاز بالجائزة. ثم عاد إلى رسالته يتوسع فيها ويتعمق حتى صارت الكتاب المشهور الذي صدر جزؤه الأول سنة ١٨٣٧ "وهو المخصص لأرسطو" وصدر الثاني سنة ١٨٦٤ "وهو مخصص للفلسفة اليونانية بعد أرسطو وتأثرها به". في هذه الدراسة وجد أن الحياة، النامية منها والحاسة والناطقة، لا ترجع إلى المادة بل إلى قوة ذاتية أو نفس، وأن علة الحياة والحركة في الطبيعة نزوع يدفع بها صوب "العقل الإلهي" الذي هو موجود حقا وليس مجرد مثال من المثل الأفلاطونية. ووجد في الفلسفة الأرسطوطالية مدخلًا إلى المسيحية, ذلك بأن أرسطو يقول: إن الخير بالذات الذي تنزع إليه الطبيعة يجهل الطبيعة, وإن المسيحية تعلم أن الله محبة تتنزل إلى مخلوقات فيتصل الفعل بالقوة والمثال بالواقع.
ب- وفي الوقت نفسه " ١٨٣٨ " تقدم برسالة للدكتوراه "في العادة" يبين فيها أن العادة تظهرنا، في داخل الوجدان، على اتصال الروح بالمادة, خلافًا لما يذهب إليه ديكارت وكثيرون غيره من انفصال وثنائية. أصل العادة فكر وإرادة، أي: تصور غاية واتخاذ الوسائل لتحقيقها، فإذا ما تحققت تناقص الفكر والإرادة والشعور شيئًا فشيئًا حتى تنمحي وتبقى العادة حاجة حيوية وميلا يخرج إلى الفعل من تلقاء ذاته. فالعادة لا تفسر إلا بتكوين تلقائية فاعلية هي بمثابة وظيفة جديدة تختلف عن الفعل الآلي من جهة وعن الفعل المروي من جهة أخرى؛ لأن العادة فكرة متحققة في المادة, وبها تفهم تلقائية النزوع في الكائن الحي وفي الطبيعة، كما تفهم لاشخصية الطبيعة مع نزوعها الذاتي إلى غايات، فإن كلتا هاتين الحالتين فكرة منطبعة في مادة. وإذن فليست الطبيعة