قوة عمياء تعمل كآلة، وليست الآلية هي الأصل، إنما الأصل الغائية تستخدم الآلية بحيث لما كانت هذه لولا تلك. وهكذا ميز رافيسون الحياة من المادة البحتة وبين لمعاصريه فكرة الصورة والعلية الصورية وفكرة الغاية والعلية الغائية على ما رأى أرسطو. وستظل فكرة الحياة هذه إلى وقتنا محور مذاهب عدة, ولا شك أنه مدين بها لأرسطو، ولو أن مصادر أخرى تضافرت على تأييدها عنده منها: مين دي بيران، وشلنج وقد كان استمع إلى دروسه في موينخ، ومدرسة الطب بمونبلي التي كانت معروفة بالمذهب الحيوي تعارض به المادية.
ج- وفي ١٨٦٧ نشر له "تقرير عن الفلسفة في فرنسا في القرن التاسع عشر" يعود فيه إلى هذه الآراء بالشرح والتأييد. يميز أولًا بين طريقتين في الفلسفة, إحداهما تحلل الأشياء إلى أجزاء جامدة وتزعم أن الأشياء مجموعات من هذه الأشياء ليس غير، فتفسر الحي بالميت وترد الأعلى إلى الأسفل، وهذا دأب المادية والآلية؛ والطريقة الأخرى تعنى بما بين الأجزاء من تركيب وانسجام بناء على وجهة مشتركة، فترى الحياة في كل شيء، وتفسر الأسفل بالأعلى، وهذه طريقة الروحية. ثم يقول: إن الفلسفة الفرنسية تتجه هذه الوجهة الثانية, فقد قال أوجست كونت في المجلد الأول من "دروس الفلسفة الواقعية": إن ظواهر الحياة من جنس ظواهر الجماد سواء بسواء، وبعد ثماني سنين استثنى حياة الحيوان، وفي المجلد الأخير استثنى النبات أيضًا؛ وكلود برنار ١ أثبت أولًا القانون الآلي حتى إذا ما أنعم النظر في ظواهر الحياة أعرب عن اعتقاده "بفكرة موجهة" بل "خالقة" هي العلة الحقة للجسم الحي. وهذا الاتجاه يلاحظ عند جميع الفلاسفة والعلماء الذين يتعمقون طبيعة الحياة. ولما كانت حياتنا الباطنة أقرب وأوضح صورة للحياة، كان هذا الاتجاه مؤذنًا بقيام مذهب جديد هو "الواقعية الروحية" تتصور الوجود على مثال الوجدان.
١٨٥ - جول لاشليي " ١٨٣٢ - ١٩١٨ ":
أ- هو ثاني أعلام هذه الحركة. مصنفاته قليلة العدد صغيرة الحجم، ولكنها
١ فسيولوجي مشهور " ١٨١٦ - ١٨٧٨ " معروف بكتاب عنوانه "مدخل إلى دراسة الطب التجريبي" حيث يصف المنهج التجريبي بالتفصيل. وقد نقل هذا الكتاب إلى العربية الدكتور يوسف مراد.