غاية في الرصانة والعمق. وهي لا تعدو رسالتين للدكتوراه " ١٨٧١ " إحداهما "في أساس الاستقراء" والأخرى "في طبيعة القياس" ومقالات أهمها مقال "علم النفس والميتافيزيقا"" ١٨٨٥ ". يضاف إلى ذلك تدريسه بمدرسة المعلمين العليا. وكان قصير الأمد, وتأثيره الشخصي في توجيه الأفواج المتتالية من الطلاب.
ب- إنه ينتمي إلى تصويرية كنط ويتعمق بنوع خاص "نقد الحكم"" ٩٦ ج" ويعمل على إعادة مبدأ الغائية إلى مقامه بين المبادئ الأولى والدفاع عنه ضد الآلية والجبرية, فبين أن الاستقراء العلمي يقوم على فكرة العلة الغائية لا على فكرة العلة الفاعلية. إن في الطبيعة نوعين من القوانين: نوعًا يشمل قونين آلية تنطبق على ظواهر جد بسيطة، ونوعًا يشمل القوانين الكيميائية وبخاصة القوانين البيولوجية وهي تعبر عن علاقات جد مركبة وتعمل دائمًا بحيث يحدث عنها دائمًا عين النتائج أي: عين الأنواع الكيميائية وعين الأنواع النباتية والأنواع الحيوانية، وذلك بالرغم من تعقد التركيب وكثرة الشروط والظروف المطلوبة. فلو كان العلم يقوم على الآلية فحسب لوجب الاقتصار على القول بأن المركبات الكيميائية والكائنات الحية تحدث في المستقبل نفس الأنواع "إذا توفرت لها الشروط المطلوبة" ولكن العلم لا يستعمل هذه الصيغة الشرطية, ونحن نعتقد أن الشروط جميعا متوافرة بالفعل, فتصور القوانين الطبيعية, ما خلا عددًا يسيرًا من القوانين البسيطة, يقوم على مبدأين متمايزين: مبدأ بموجبه تؤلف الظواهر سلاسل يتعين فيها وجود اللاحق بوجود السابق، وهذا مبدأ الآلية، ومبدأ بموجبه تؤلف هذه السلاسل أنظمة يتعين فيها وجود الأجزاء بفكرة الكل، و"الكل الذي يحدث أجزاءه" علة فاعلية، فيجب أن نضع إلى جانب الآلية أو بالأحرى فوقها "مبدأ نظام يسهر، إن جاز هذا التعبير، على استبقاء الأنواع الكيميائية والأنواع الحية".
ج- مبدأ الغائية إذن هو القانون الذي يخضع له العالم, وليس يعني هذا أنه من وضع الفكر الإنساني في محاولته فهم العالم, فإن الفكر نفسه جهد نحو غاية، نزوع إلى الخير وإلى تمام الوجود. "إن المسألة العليا في الفلسفة، وقد تكون مسألة دينية أكثر منها فلسفية, هي الانتقال من المطلق الصوري إلى المطلق