للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: بليز بسكال " ١٦٢٣ - ١٦٦٢ "]

٤٠ - حياته ومصنفاته:

أ- عالم عبقري ومفكر عميق وكاتب مجيد. ولئن لم يكن فيلسوفًا بالمعنى الاصطلاحي فقد خلف أثرًا حقيقًا بالذكر ترامى فعله إلى أيامنا, وسيظل فعالًا بلا ريب. ولد في كليرمون "من أعمال فرنسا" وما إن أمكن التحدث إليه حتى بدت منه أمارات ذكاء خارق. وكان والده واسع الثقافة ضليعًا في الرياضيات، وأخذ على نفسه أن يكون معلمه الأوحد ولم يدخله مدرسة. وكان مبدؤه في تعليمه ألا يلقنه شيئًا إلا بعد أن يبين له فائدته، ثم أن يلقنه ما يفوق طاقته حتى يفحص بنفسه ويدرك بنفسه, فأعكفه على الفرنسية واللاتينية واليونانية. وتروي أخته المترجمة لحياته أنه فيما هما في ذلك، والصبي ما يزال في الثانية عشرة، وجد من تلقاء نفسه الأشكال الهندسية، ثم وجد المبادئ، ثم ركب الأدلة حتى بلغ القضية الثانية والثلاثين من الكتاب الأول لإقليدس؛ فذهل والده وبكى فرحًا وأعطاه كتاب إقليدس فقرأه وحده. وفي رواية أخرى أقرب إلى التصديق أنه قرأ إقليدس خفية في ساعات معدودات. على أن نبوغه كان قد ظهر واضحًا قبل ذلك بسنة، إذ لحظ ذات مرة أن طبقا من الخزف إذا ضرب بسكين خرج منه صوت عالٍ ينقطع بوضع اليد على الطبق، فما زال يكرر التجربة حتى وقف على السبب، ووضع رسالة في الأصوات كانت أول مؤلفاته.

ب- وأخذ يحضر المجالس التي كان يعقدها حينذاك علماء باريس كل أسبوع قبل إنشاء أكاديمية العلوم، وكان يساهم في المناقشات ويعرض مسائل جديدة. وفي السادسة عشرة دون رسالة في المخروطات جاوز فيها ما كان قد وصل إليه أحدهم، فأعجبوا به، إلا ديكارت قد تصنع عدم المبالاة. وهو في الثامنة عشرة عُين والده جابيًا للضرائب، فرآه يعاني مشقة في حسابها، فنبتت لديه فكرة صنع آلة حاسبة تغني عن القلم وعن كل قاعدة حسابية. فشرع يبحث

<<  <   >  >>