أ- ابن فلاح من أهل سكسونيا. كان يستمع إلى عظات الأحد فيحفظها عن ظهر قلب, فلما خبر فيه هذه المقدرة سريّ من سراة المنطقة تكفل بنفقات تعليمه. فترك الصبي رعي البقر والإوز وأخذ يقطع مراحل التعليم، حتى بلغ إلى المرحلة الجامعية وهو في الثامنة عشرة، فاجتازها بالرغم مما نزل به من ضنك شديد بوفاة كفيله. درس اللاهوت وفقه اللغة والفلسفة في إيينا وليبزج، وطوف في أرجاء ألمانيا ليوسع من ثقافته.
ب- وهو في الثامنة والعشرين وقف على كتب كنط، ومن ذلك الوقت وجد وجهته العقلية. وفي السنة التالية قصد إلى كونجسبرج، وتعرف إلى الفيلسوف الكبير، وعرض عليه كتابًا عنوانه "محاولة في نقد كل وحي" ذهب فيه إلى أن الوحي غير مقبول ما لم يكن بأكمله عقليًّا معقولًا. كان الكتاب عبارة عن تطبيق مذهب كنط على الدين قبل أن يضع كنط كتابًا في هذا الموضوع، فقدره؛ بل إن الكتاب نشر غفلا من اسم المؤلف لخطأ عرض، فظنه كثيرون من قلم كنط. وبعد سنة عين أستاذًا بجامعة إيينا " ١٧٩٣ ".
ج- في هذه الجامعة بسط مذهبه، ثم نشره في كتاب "المبادئ الأساسية لنظرية المعرفة"" ١٧٩٤ " الذي يعد أهم كتبه, والذي كان موضع عنايته المتصلة ينقحه باستمرار ليجعله أكثر كمالًا وأقرب منالًا. ثم نشر كتابًا في "القانون الطبيعي"" ١٧٩٦ "، و"المدخل الأول إلى نظرية المعرفة"" ١٧٩٧ " هو خير عرض لمذهبه، و"الفلسفة الخلقية"" ١٧٩٨ ". وأذاع مقالًا في "مبدأ اعتقادنا بعناية إلهية"" ١٧٩٨ " فاتهمه كاتب بالإلحاد؛ فكرر آراءه في رسالتين بعنف أشد, إحداهما بعنوان "نداء إلى الجمهور" والأخرى "دفاع قانوني"" ١٧٩٩ " ووجه خطابًا مثيرًا إلى أحد أعضاء حكومة قيمار, فثار الأعضاء جميعًا حتى جوتي