للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء الفلاسفة إلى لانهائية الوجود ولانهائية التقدم في التاريخ. ولعل الرومانتية الفلسفية ترجع إلى ديكارت مذ قال: "أنا أفكر وأنا موجود" واستخدم ضمير المتكلم باطراد راويًا عن نفسه مستشهدًا بأفكاره وأحواله، فشاعت هذه الطريقة حتى انتهى الأمر إلى اعتبار المذهب الفلسفي "وجهة نظر" لا ينازع فيها الفيلسوف كما لا ينازع الفنان في وجهته، وإلى استدلال الفيلسوف على حقائق الأشياء بمنهج تفكيره الخاص وتجربته الخاصة. يضاف إلى ما تقدم الرجوع إلى دراسة سبينوزا بعد إهمالها، فبدا كتابه "الأخلاق" كأنه المثل الأعلى للفلسفة والمنهج الأكمل، سواء لأصحاب وحدة الوجود ولخصومهم. والرأي في الفلاسفة الذين نؤرخ لهم في هذه المقالة, أنهم دلوا على مقدرة عظيمة في التركيب والتنسيق، ولكنهم استمدوا مادتهم من تراث كبار الفلاسفة، وغلوا في التجريد، وأغربوا وأمعنوا في الإغراب، وأثقلوا كتبهم بأسلوب غريب معقد محشو بالاصطلاحات، فجاءت بعيدة المنال على الأكثرين، تقتضي قراءتها مرانًا خاصًّا ليس باليسير.

<<  <   >  >>