مبادئ الأخلاق في مجلدين. وله أيضًا كتاب في التربية " ١٨٦١ " وآخر في تصنيف العلوم " ١٨٦٤ " وآخر في ترجمته لحياته. أنجز هذا العمل الضخم بمثابرة حقيقة بالإعجاب تقاوم اعتلال صحته من جهة, وضيق ذات يده من جهة، وبمقدرة فائقة في التحليل والتركيب.
١٦٦ - المعلوم والمجهول:
أ- يذهب سبنسر إلى أن موضوع المعرفة ينحصر في جملة العلوم الواقعية, وقد انتقد تصنيف أوجست كونت لهذه العلوم، ولكنه أخذ عنه التمييز بين العلوم المجردة والعلوم المشخصة, وأضاف قسيما وسطا سماه العلوم المجردة المشخصة, فوضع الجدول الآتي: ١ - العلوم المجردة أو علوم الصور الجوفاء، وهي المنطق والرياضيات بفروعها, ٢ - العلوم المجردة المشخصة أو علوم الظواهر، وهي الميكانيكا وعلم الطبيعة والكيمياء, ٣ - العلوم المشخصة أو علوم الموجودات، هي علم الفلك وعلم طبقات الأرض، وعلم الحياة "وفيه الأخلاق" وعلم النفس وعلم الاجتماع. هذا التقسيم يشبه تقسيم العلوم النظرية عند أرسطو بحسب درجات التجريد الثلاث، ولكن سبنسر يظن أن المشخص بما هو كذلك موضوع علم في حين أنه موضوع وصف فحسب، فما في علمي الفلك وطبقات الأرض من قضايا كلية يرجع في الحقيقة إلى علوم أخرى هي الرياضيات والطبيعة والكيمياء، وما يقال فيهما عن أشخاص الأفلاك ومداراتها وعن الطبقات الأرضية وأحوالها أمور جزئية؛ ثم إنه يضع بين العلوم المشخصة علوم الحياة والأخلاق والنفس والاجتماع وهي في الواقع تدرس ظواهر عامة وتتأدى إلى قوانين كلية, فالتقسم غير محكم. ومهما يكن من قيمة هذا الجدول فهو يمثل في نظر سبنسر "مجال المعلوم" كما يبدو في "الفلسفة الواقعية" التي هي عبارة عن جملة القوانين المشتركة بين جميع فروع المعرفة العلمية، بحيث يمكن أن يقال: إن المعرفة العامية عديمة الوحدة, والعلم معرفة ناقصة الوحدة, والفلسفة معرفة موحدة تمام التوحيد بفضل قانون التطور الذي هو أعم القوانين.
ب- وكل ما خرج عن العلوم والفلسفة الواقعية يؤلف "مجال المجهول" أو ما يجاوز إدراكنا. وفي كتاب "المبادئ الأولى" يعرض سبنسر جملة العلوم