للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بديهية طبيعية دون محاولة تفسيرها. فهو يسلم بلا مناقشة جميع المبادئ المقبولة عند جميع الناس "مبادئ العلم الرياضي, والعلم الطبيعي، والأخلاق، وما بعد الطبيعة" "لأنها من الضرورة للسيرة بحيث لا يمكن النزول عنها إلا ونقع في أباطيل لا تحصى نظرية وعملية" ولكنه لا يصنف هذه المبادئ ولا يعقلها بمبدأ أعلى. بل إنه يقع في شرك المبدأ التصوري، فما الإدراك الظاهري المباشر عنده إلا "إيحاء ضروري" أو "إشارة طبيعية" إلى الشيء الخارجي، لا صورته. وهو يسائل نفسه قائلًا: "كيف يجعلنا الإحساس نتصور وجود شيء خارجي لا يشبهه بحال، ويضطرنا للاعتقاد به؟ " ويجيب بقوله: لا أزعم العلم بذلك، وحين أقول: إن الإحساس يوحي بالصورة وبالاعتقاد، لا أقصد إلى تفسير طبيعة ارتباط هذه الحدود، بل إلى التعبير عن واقعة يستطيع الجميع شهودها في الوجدان. وعنده أن كل الفرق بين الكيفيات الأولية والثانوية هو "أن حواسنا تعطينا فكرة مباشرة متميزة عن الأولى، في حين أن طبيعة الثانية غامضة نسبية". وعلى ذلك لا يمحو ريد الواسطة بين العارف والمعروف، بل يقبلها صراحة وهي الإحساس كإشارة؛ ويذهب إلى أن ماهيات الأجسام وماهية النفس محجوبة عنا، فيصل إلى النتيجة التي وصل إليها لوك وهيوم وهي استبعاد الميتافيزيقا بحجة أنها تثير مسائل غير قابلة للحل. فجملة القول: أنه نظر إلى المسائل من الوجهة النفسية دون الوجهة الميتافيزيقية, فظن أن إثبات الواقع يكفي، ورد الفلسفة إلى علم النفس الوصفي، وقال: إن هذا العلم في غنى عن الآراء الميتافيزيقية في طبيعة الجسم والنفس أسوة بالعلوم الطبيعية, وكان له أتباع حذوا حذوه, فجعلوا علم النفس مستقلا عن الفلسفة، وهذا أهم أثر للمدرسة الأسكتلندية.

<<  <   >  >>