لا يكتسب بالتربية، فإنه قوة إدراك البديهيات، وبه نتعلم الاستدلال وقواعده أي: استنباط النتائج الصحيحة من البديهيات.
ب- يتشكك لوك وباركلي وهيوم في وجود أشياء خارجية، وما ذلك إلا لأنهم اعتقدوا أننا حين نعرف إنما نعرف معنى أو صورة، فوضعوا واسطة بين العارف والمعروف، ووجدوا أنفسهم مضطرين لإقامة البرهان على وجود شيء مقابل للصورة أو المعنى, وهذا موقف ينطوي على جرثومة الشك. ويرد عليه أولا بنتائجه السيئة، ثم بالرجوع إلى الذوق العام، فما من أحد يعتقد أنه يرى صور الأشياء ولكن يعتقدون أنهم يرون الأشياء أنفسها. وفينا ميل طبيعي للاعتقاد بأن الروابط بين الظواهر المدركة ستظل هي هي في المستقبل، وعلى هذا الأساس تقوم العلوم، وكل ذي عقل سليم يقبله، وإن وجد من لا يقبله فهو جدير أن يدخل البيمارستان. إن تعاقب الليل والنهار قديم في تجربتنا, وما من أحد يعتبر الليل معلول النهار أو النهار معلول الليل. الحقائق التجريبية هي التي يحتمل يقيننا بها الزيادة والنقصان، فالطبيب مثلًا يزداد اقتناعًا بفاعلية دوائه كلما ازداد نجاحه حتى يتحول تخمينه الأول إلى يقين؛ أما المبادئ العقلية فاليقين بها ثابت منذ الأصل لا تزيد فيه التجربة ولا تنقص منه؛ وعلى ذلك ليست هذه المبادئ آتية من التجربة.
ج- وتشكك هيوم في وجود الأنا وقصر معرفتنا على الظواهر الباطنة, ولكننا ننتقل من الظواهر الباطنة إلى موجود نسميه أنا بموجب مبدأ عقلي غريزي. الذاكرة تدلنا على بقاء الأنا هو هو، ويدلنا الذوق العام على أن هذه الذاكرة تقتضي وجودًا متصلًا. "ليست شكلا ولا فعلا ولا عاطفة، ولكني موجود يحس ويعمل ويفكر". "أحوالي الباطنة تتغير في كل لحظة، ولكن الأنا متصل الوجود، وهو المحل المشترك للأحوال المتعاقبة". وقال هيوم أن ليس أغمض من فكرة القوة, ولكنها تدرك ضرورة من شعورنا بأنفسنا، فإننا نجد في أنفسنا قدرة فاعلية هي الإرادة، وإذا كنا لا نشعر بقوانا أنفسها فإننا نشعر بالأفعال التي تنم عنها، وكل فعل فهو يفترض قدرة في الفاعل، وافتراض شيء يفعل دون أن يكون حاصلا على قدرة الفعل خلف ظاهر.
د- على أن ريد يقف عند حد النقد، ويعرض معتقداتنا على أنها