والموقع الجغرافي ومساحة البلد ونوع العمل وطريقة المعيشة والديانة والعادات ومبلغ الثروة وعدد السكان. فموضوع الكتاب الفحص عن علاقة القوانين بهذه الأسباب المختلفة. "وجملة العلاقات تؤلف ما يسمى روح القوانين" أي: طبيعتها "م ١ ف ٣ ". وعلى ذلك لم يقصد مونتسكيو إلى أن يضع فلسفة القانون، أي: فلسفة ترد أسباب القوانين إلى مبادئ عقلية كلية، وإنما قصد إلى تفسير القوانين بظروف طبيعية تعلم بالملاحظة والتاريخ، لكن لا على مذهب "المادية التاريخية" فإنه يصرح بأن للأسباب المعنوية ومنها القوانين أنفسها، التقدم على الأسباب الطبيعية والاقتصادية، وبأن المشرع يستطيع أن يناهض ما يدفع إليه المناخ والمزاج من ميول وأخلاق، فيقوّم اعوجاج الشعب ويوجّهه إلى الصلاح.
ب- ينتج من هذا التحديد أن "القوانين بأوسع المعاني، هي العلاقات الضرورية اللازمة من طبيعة الأشياء؛ وبهذا المعنى للموجودات جميعًا قوانينها. فهناك إذن عقل أول، والقوانين هي العلاقات القائمة بينه وبين مختلف الموجودات، وعلاقات هذه الموجودات فيما بينها". "فالقول بأن ليس هناك من عدل أو ظلم إلا ما تأمر به أو تنهى عنه القوانين الوضعية، يعدل القول بأنه قبل أن ترسم دائرة لم تكن جميع الأوتار متساوية""م ١ ف ١ ".
ج- الداعي للقانون الوضعي هو الرغبة في أخذ الناس بما ينبغي أن يكونوا عليه, وما ينبغي أن يعملوا في المجتمع؛ إذ إنهم عرضة للخطأ وحاصلون على حرية العمل. ويعيش الناس في المجتمع بناء على استعداد طبعي لا بناء على عرف وتعاقد. وأول مسألة تصادف الباحث مسألة أشكال الحكم، إذ إن القوانين تصدر عن شكل الحكومة كما يصدر الماء عن العين. وثمة مسألة أخرى هي مسألة مبادئ الحكم أو الدوافع التي تحرك الحكومة, فلننظر في القوانين من هاتين الوجهتين.
٨٩ - أشكال الحكم:
أ- هي ثلاثة: جمهورية، وملكية، وطغيان. وتنقسم الجمهورية إلى ديمقراطية وأرستقراطية بحسب ما يكون الحكم للشعب برمته، أو لفريق منه