ج- هذه الوجودية ما هي إلا لون من ألوان المذهب الحسي، فإنها تنكر المعنى الكلي وتغلو في الإنكار حتى تأبى أن تقيم وزنًا لوجوه الشبه بين أفراد النوع الواحد، وهي وجوه بادية للعيان، فلا تنظر إلى الجزئي إلا بما هو كذلك فتعتبر أن الماهية هي الإنية أي: جملة الأعراض المخصصة للجزئي، فتقول: إن الوجود سابق على الماهية بهذا الاعتبار، ولا يفطن القائل إلى أن الوجود هو بالضرورة وجود شيء أي: ماهية, وأن الإنية تعيين الماهية الحاصلة بالفعل من نواحٍ وبالقوة من نواحٍ أخرى، فإن الإنيات وجوه مختلفة لما في الماهية من قوى مختلفة، وقديما قال أرسطو: إن القوى النطقية غير معينة إلى واحد ولكن في مقدورها الميل إلى ناحية أو إلى أخرى، وهذا أصل الحرية التي هي القدرة على العمل في نطاق الماهية وعلى حسبها، ولا وجه للإغراب بعد هذا بوضع الوجود قبل الماهية!