للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت عائشة رضى الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا.

وأكمل هذه الأنواع هو إرسال الرسول بالوحى.

وهذه الصورة هى التى نزل بها القرآن الكريم، فقد نزل بواسطة جبريل عليه السلام.

{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ *نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ *بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (١).

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (٢).

جاء هذا الوحى ثورة على الباطل فى كل صوره، وعلى الفساد فى جميع مظاهره، فثار على الخرافات التى لوثت العقول، وعلى الانحراف الذى شوه الفطر، كما ثار على العرف الفاسد الذى عطل حرية الفكر واستقلال الإرادة.

ثار على هذا كله ثورة عاتية دمرت كل معالم الشر، ومحت كل لون من ألوان الفساد، واستبدل بها الحقائق التى تهدى العقل، وتنير الضمير، وتسمو بالنفس، لتصل إلى أقصى ما قدر لها من الكمال الإنسانى.

ولم تكن هذه الثورة تستهدف مصلحة ذاتية، ولا منفعة وطنية، ولا ترجيح


(١) سورة الشعراء - الآية ١٩٢ - ١٩٥.
(٢) سورة البقرة - الآية ٩٧.

<<  <   >  >>