للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض السلف: إذا رأيت الله يتابع نعمَه عليك (١)، وأنت مقيم على معاصيه، فاحذره؛ فإنما هو استدراج (٢) يستدرجك به (٣).

وقد قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)[الزخرف: ٣٣ - ٣٥].

وقد ردّ سبحانه على من يظن هذا الظن بقوله: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا﴾ [الفجر: ١٥ - ١٧] أي: ليس كلُّ من نعّمتُه ووسّعتُ عليه رزقَه أكون قد أكرمتُه، ولا كلُّ من ابتليتُه وضيّقت عليه رزقه أكون قد أهنتُه. بل أبتلي هذا بالنعمة، وأكرم هذا بالابتلاء.

وفي جامع الترمذي (٤) عنه : "إنّ الله يعطي الدنيا مَن يُحِبّ ومن


(١) ز: "تتابع عليك نعمه".
(٢) زاد في ل: "منه". وكذا في خا.
(٣) من قول أبي حازم الأعرج. أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر (٣١) وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٢٤٤) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٢٢/ ٦٤) وغيرهم (ز). وقد ذكره المؤلف في كتاب الروح (٥٤٥) أيضًا (ص).
(٤) لم أقف عليه في المطبوع. والحديث أخرجه أحمد ١/ ٣٨٧ (٣٦٧٢) والبخاري في تاريخه (٤/ ٣١٣) والشاشي في مسنده (٨٧٧) مختصرًا، والحاكم ٢/ ٤٨٥ (٣٦٧١) والبزار في مسنده (٢٠٢٦) وغيرهم، من طريق أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمَّد عن مرة الهمداني عن ابن مسعود، فذكره. قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ولم يتعقبه الذهبي. وقال البزار: " … والصباح بن محمَّد فليس بمشهور، وإنما ذكرناه على ما فيه من العلة لأنا لم =

<<  <  ج: ص:  >  >>